ملالة .. والملالي!!

تم نشره الإثنين 29 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 11:56 مساءً
ملالة .. والملالي!!
خيري منصور
كل ما اقترفته الصبية الاسيوية ملالة هو الذهاب الى المدرسة، رغم ان حقها كمسلمة ان تطلب العلم في الصين او المريخ ان كان ذلك مستطاعا، فتلك وصية رسولية يستحق من يلبيها الثواب لا العقاب.

والوأد ليس دائما بالمعنى الجسدي بحيث يدفن الابناء والبنات احياء، انه ايضا معنوي ونفسي وثقافي، وهو يحدث في هذه الالفية الثالثة باساليب مختلفة.

وستبقى حكاية ملالة الاسيوية والملالي الاسيويين ايضا من امثولات عصرنا. ولا ندري ما اذا كان التجهيل هو استراتيجية مضادة يراد بها تحويل البشر الى قطعان، تعيش لتأكل فقط، واحيانا تعيش لتـُعذب او تـُصفى جسديا.

ونحن العرب نعرف اكثر من سوانا ما انتجه التجهيل في زمن العثمنة، فلو كانت جداتنا ومن بعدهن امهاتنا قد تعلمن لما كان الحال على ما هو عليه الان، لكن يبدو ان هناك بشرا ينظرون الى التعليم على انه خروج ومروق وبالتالي يجب على من يسعى اليه ان يقبل بالمصير المحتم وهو رصاصة في الرأس. قد يوفق الاطباء في استخراجها كما حدث لرأس ملالة وقد تأخذ من اصابته الى القبر.

فهل نحن نتقدم نحو زمن يتفوق فيه الادمي على شروطه البدائية وغرائزه ام نعود القهقرى الى جاهلية اخرى لكنها هذه المرة مدججة بالاسلحة الحديثة وفقه الظلام؟

الاسلام الذي عرفناه وقرأناه وتوارثناه ليس كذلك، وليس تحريضا على التجهيل وتوغلا في الظلام، كما انه ليس ثقافة موت واقصاء.

ونصوصه طالما قبلت التأويل لكنها الان تتعرض لتعذيب او تقويل قسري كي تعترف بما لم تقترف. وحين يصبح التعليم بحدّ ذاته ذنبا لا يغتفر فان الوضع البشري كله يصبح مهددا بالعودة الى الغاب والكهف. ومن يواجهون ويعيشون كل هذا الفقر ويعانون من التهميش ويهددون بالطرد من التاريخ لم يبق في جعبتهم غير الاجهاز على الابداعات الانسانية.

ففي عيد الاضحى تحولت مدن ومساجد ومدارس الى مآتم، وكأن الانتحاري المتنكر في صورة مسلم لم يجد مكانا ليفجر نفسه فيه غير مسجد.

ان الصمت عما يجري باسم الدين هو تواطؤ بل هو تحالف مع الجهل ضد الانسانية كلها.

فاي اسلام ذلك الذي يبرر لمتطرف ذبح نجيب محفوظ وهو يقترب من التسعين؟ واي دين ذلك الذي يبرر تدمير الاثار والمعالم وكل ما تبقى من منجزات الحضارة.

حين فتح عمرو بن العاص مصر لم يخلع تمثال رمسيس من جذوره ولم يحمل معولا لهدم الاهرام ولم يأمر بإعدام أبي الهول.

ما نخشاه هو ان تتحول «ملالة» الصبية الاسوية الى ظاهرة وان يقول بعض الملالي نصوص الدين بدلا من تأويلها. عندئذ تصبح حياتنا جميعا في خطر.

ان الاسلام ذاته يتصدى لمحاولات تحريفه والتطرف به، لانه في جوهره لا يتأثر بكل هذا الغبار ولا يتقرب منه هذا الصدأ والصديد.

كم خسرنا من تجهيل ابائنا واجدادنا لثلاثة قرون؟ ألا يكفي هذا؟ ام ان العالم العربي والاسلامي يشكو من فائض التنوير والتقدم والعدالة بحيث يفترى عليه ويعاد بالقوة الى أزمنة الانحطاط؟


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات