ماذا بعد فشل هدنة العيد ؟

تم نشره الأربعاء 31st تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 12:12 صباحاً
ماذا بعد فشل هدنة العيد ؟
ياسر الزعاترة

كان الإبراهيمي يبحث عن إنجاز، أي إنجاز يبرر من خلاله
استمرار مهمته كوسيط في الأزمة السورية، وهي مهمة لم تظهر عليها معالم النجاح إلى
الآن. كانت هدنة العيد هي قارب الإنقاذ بالنسبة له، ولذلك فقد جاهد جهادا مريرا من
أجل إخراجها إلى حيز التنفيذ؛ الأمر الذي لم ينجح فيه سوى قبل ساعات من بدء
العطلة، ربما بسبب حرص النظام على عدم الظهور بمظهر “المندلق” على الهدنة من باب
الضعف؛ الأمر الذي انطبق أيضا على معسكر الثوار الذين لم تبد عليهم القناعة بها
لولا تبنيها من قبل الدول الداعمة.



كان هدف الإبراهيمي، بحسب تصريحاته، هو البناء على تلك الهدنة من أجل إنجاز هدنة
أطول، ومن ثم التوصل إلى حل سياسي لم تظهر معالمه بعد، وإن تكن الهدنة في بعدها
الشخصي محاولة لتمديد المهمة وعدم إعلان فشلها بالكامل على غرار مهمة كوفي عنان،
مع أن الرجل لا يبدو في وارد الاستقالة من تلقاء نفسه.



من الواضح أن ميزان القوى على الأرض لا زال أقرب إلى المراوحة منه إلى الحسم رغم
تقدم الثوار في بعض الجبهات، مقابل ارتباك قوات النظام التي تخشى المواجهة
الميدانية، فتميل إلى القصف الجوي والبري خشية تحمل الكثير من الخسائر البشرية،
لاسيما أن بعض التململ قد أخذ يجتاح الطائفة العلوية التي تشكل عصب القوة العسكرية
للنظام، والسبب بالطبع هو كثرة خسائرها في المواجهة، والتي قالت بعض الصحف
الأجنبية إنها وصلت عشرة آلاف قتيل.



سيقول أنصار بشار هنا وهناك إن الثوار لن يتمكنوا من الحسم وإنه لا مناص من الحل
السياسي، لكنهم يتجاهلون أن مثل هذا القول يشكل تراجعا كبيرا من قبل النظام، ومن
قبلهم أيضا. ألا يذكرون تصريحات زعيمهم المقاوم حول رفض التحاور مع الإرهابيين
والقتلة، مع السخرية من القوى التي لا تحمل السلاح ووصف بعضها بالانتهازية
السياسية؟!



هل يذكرون وعود الحسم في حلب خلال عشرة أيام، بينما مضت شهور طويلة فيما لا يزال
أكثر المدينة تحت سيطرة الثوار، بينما يعجز جيش النظام عن دخولها فيلجأ إلى قصفها
وتدميرها؛ ما جعلها أقرب إلى المدينة المدمرة بمساكنها وآثارها وأسواقها؟!



لقد بات واضحا أن معسكر النظام هو الذي يتراجع، لا أعني فقط النظام نفسه بقبوله
التوصل إلى هدنة مع مجموعات إرهابية كما يصفها، بل أيضا معسكره الداعم، وفي
المقدمة إيران التي كانت ترحب بإصلاحات الأسد وتعتبرها “جدية”، فيما هي الآن تتحدث
عن انتخابات حرة ونزيهة يُحدِد من خلالها الشعب السوري مستقبله.



والحال أن صمود النظام لم يأت بسبب تماسك طائفته ودعمه من قبل بعض الأقليات الأخرى
فقط، بل جاء بسبب التماسك النسبي للجيش الذي يخشى مصير جيش صدام كما تنقل مصادر
عديدة تراه سيد الموقف أكثر من الرئيس نفسه. أما الأهم فهو الدعم الخارجي الهائل،
والذي لا ينحصر في إيران وحلفائها، بل يشمل دعما روسيا كبيرا يصل حد الإشراف على
المعارك من قبل عسكريين روس، ربما لأن بوتين يصرُّ على الحيلولة دون خسارة هذه
المعركة على نحو يؤثر على ميزان القوى الحساس بين بلده وبين أمريكا والغرب، رغم
أنه يعرف تماما أن الإصرار الغربي على منع تسليح الثوار بالأسلحة النوعية هو الذي
يحول دون الحسم أكثر من أي شيء آخر. ويبقى أن انحياز روسيا للعبة التدمير عبر
إطالة المعركة يبدو نتاج تفاهم مع الدولة العبرية مقابل علاقة أكثر حميمية معها
على مختلف الأصعدة، وبالضرورة مع لوبياتها الصهيونية الفاعلة في أمريكا والغرب.



وفي ظل الارتباك التركي بسبب الضغوط الداخلية التي يعاني منها أردوغان، فضلا عن
التلكؤ العربي لأسباب تتعلق بكل طرف من أطرافه، يبدو المشهد غامضا أكثر من أي وقت
مضى، من دون أن يُستبعد الحسم السريع بسبب انهيارات محتملة في الجيش والمؤسسة
الأمنية وتصدعات أكبر داخل الطائفة العلوية، وربما انقلاب للجيش على النظام يفضي
إلى حل سياسي لاحق مع الثوار.



يبقى مسار الحل السياسي الذي تشتغل عليه مصر وتركيا وإيران بعد انسحاب السعودية من
الرباعية، وهذا أيضا لم تظهر ملامح نجاحه إلى الآن، لكنه غير مستبعد النجاح أيضا
إذا تراجع الإيرانيون بهذا القدر أو ذاك على نحو يرضي الجزء الأكبر من المعارضة
السورية، والأهم في حال دخول الروس على خط التفاوض.



الحل إذن ليس بيد الإبراهيمي، بل بيد القوى الكبيرة والمؤثرة، فإما أن تتوصل إلى
اتفاق لا بد أن ترضى عنه غالبية المعارضة والثوار، وإما أن تستمر حرب الاستنزاف
التي تبدو نتيجتها معروفة بسقوط النظام، سواءً طالت وتعزز خيار التدمير، أم جاء
الحسم سريعا ضد نظام أمني يصعب الجزم بالنقطة التي يبدأ معها انهياره الأخير.

 

( الدستور )

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات