لاءات عباس في ذكرى وعد بلفور!!

تم نشره السبت 03rd تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 01:00 صباحاً
لاءات عباس في ذكرى وعد بلفور!!
ياسر الزعاترة

ليلة الجمعة، تحدث الرئيس الفلسطيني محمود عباس لنشرة الأخبار في التلفزيون الإسرائيلي (الأكثر مشاهدة)، وكان الحديث مقتضبا، لكنه مدجج بالمعاني السياسية، وإن لم ينطوِ على جديد يُذكر، والأرجح أن هناك من زوار المقاطعة الإسرائيليين الذين تكاثروا خلال الأسابيع الأخيرة من أقنعه بأن مثل هذا الكلام سيسهم بتعزيز معسكر “الاعتدال” في المجتمع الإسرائيلي على مشارف الانتخابات.

نقول ذلك رغم أننا لا ندري أين يقع ذلك المعسكر ومن هم رموزه على وجه التحديد وما وزنهم؟ لاسيما أننا نعرف أن عرفات -رحمه الله- قد تفاوض في قمة كامب ديفيد صيف العام 2000 مع “الحمامة” باراك (قبل أن يتحول إلى شبه صقر لاحقا)، فيما تفاوض عباس ثلاث سنوات مع “حمامتين وديعتين” هما إيهود أولمرت وتسيبي ليفني قبل أن نكتشف من خلال وثائق التفاوض حجم التنازلات التي قُدمت لهما دون أن تشبع شهيتهما للمزيد.

اليوم، وفيما يتحالف المتطرفان نتنياهو وليبرمان في “الليكود بيتنا”، يبدو أن هناك من أقنع عباس بأن عليه التدخل في الحملة الانتخابية الإسرائيلية لصالح معسكر “الاعتدال”، فكان اللقاء الصحفي السريع الذي نحن بصدده، والذي استحق تقريرا مطولا من وكالة الأنباء الشهيرة “رويترز” بعنوان “عباس يلمح إلى أنه “ليس له حق العودة” لبلدته في إسرائيل”.

في اللقاء استعاد محمود عباس “لاءه” التقليدية حول الانتفاضة الثالثة، وأتبعها باللاء الثانية حول حق العودة، فيما لم يأت المجال على ذكر الثالثة، وهي لا لوقف التنسيق الأمني لأنه يصب في مصلحة الفلسطينيين، فضلا عن الجيران الإسرائيليين، وربما لأن قناعة الشارع الإسرائيلي بها متوافرة تبعا لما يمنحه ذلك التنسيق من أمن لم يحصل على مثله منذ عقود.

وللدقة والأمانة، فإن الرجل لم يأت بجديد يذكر، اللهم سوى تكرار ما قاله مرارا. لكن تزامن ذلك مع ذكرى وعد بلفور، والأهم مع تحالف نتنياهو وليبرمان واستمرار الاستيطان والاستخفاف بالفلسطينيين هو الذي منح كلامه بعض الأهمية.

في الجانب الأول قال عباس “ما دمت هنا في هذا المكتب لن تكون هناك انتفاضة ثالثة مسلحة (أبدا). لا نريد استخدام الإرهاب (لاحظ المصطلح)، لا نريد استخدام العنف، لا نريد استخدام السلاح. نريد استخدام الدبلوماسية، السياسة، المفاوضات، والمقاومة السلمية”.

تعبنا من الحديث في هذا الأمر، لكننا مضطرون للسؤال مرة إثر أخرى عن الكيفية التي سيحقق من خلالها عباس دولته العتيدة مع نتنياهو- ليبرمان، وفي ظل انحياز أمريكي سافر للكيان الصهيوني. وكيف سيقبل الأخيران بما لم يقبل به باراك وأولمرت؟! ثم ما جدوى رفضه لما يسمى الدولة المؤقتة في حدود الجدار الأمني، بينما هو يكرسها واقعيا من خلال التعاون الأمني، ومن خلال مؤسسات صاحبه فياض، فيما سيضيف إلى ذلك اعترافا دوليا بها كدولة غير كاملة العضوية في الأمم المتحدة كي يتكرس النزاع بوصفه نزاعا حدوديا مع الجيران لا يُحل بغير التفاوض، وليغدو أي عمل بعد ذلك هو لون من الإرهاب كما قال (حتى القانون الدولي يعترف حاليا بأن هناك مقاومة فلسطينية مسلحة لا تصنف إرهابا، أعني تلك التي تستهدف جنودا ومستوطنين داخل الأراضي المحتلة عام 67)؟!

نأتي إلى الشق الثاني من كلام عباس والذي لفت انتباه الوكالة الدولية ممثلا في الحديث عن حق العودة. سأل المذيع الإسرائيلي عباس عن صفد (بلدته الأصلية)، فقال إنه زارها، ويحب أن يزورها، لكنه لا يريد العيش فيها. مضيفا القول “فلسطين بالنسبة لي هي حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية؛ الآن وإلى الأبد، والباقي هي إسرائيل”، وقد ذكَّرنا ذلك بمقولته الشهيرة لوفد حاخامات إسرائيلي زاره في رام الله قبل شهور “إسرائيل وجدت لتبقى”. هنا أيضا، لا تلميح كما قالت الوكالة، بل تصريح وأي تصريح، فالرجل ليست لديه أية مشكلة في التنازل عن حق العودة للأراضي المحتلة عام 48، وهو يؤيد المبادرة العربية التي تنازلت عمليا عن ذلك الحق بحديثها عن “حل متفق عليه”، كما كرر ذلك مرارا وفي مناسبات شتى.

ثم إن وثائق التفاوض تؤكد ذلك، حيث وافق مفاوضوه (بعلمه طبعا) عن حق العودة والاكتفاء بإعادة عشرة آلاف خلال عشر سنوات في سياق لم شمل العائلات، وكان ذلك عرضا من أولمرت قبل أن ترفضه تسيبي ليفني وتخبرهم بأنه رأي شخصي لأولمرت، وأن عدد الذين سيعودون للأراضي المحتلة عام 48 هو “صفر”.

لا بد من التذكير بأن حكاية حدود 67 التي يتحدث عنها دائما تبدو بلا قيمة كما تؤكد وثائق التفاوض، وكما يؤكد هو دائما بإعلان قبوله تبادل الأراضي التي تعني بقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة في عمق الضفة، فضلا عن التنازلات الرهيبة في القدس الشرقية ذاتها.

إنها مأساة الشعب الفلسطيني الذي يعيش متاهة حقيقية بين عباس الذي يفرِّط هذا التفريط من دون ثمن ولا جدوى ويرفض المقاومة، وبين حماس التي حشرت نفسها باجتهاد خاطئ في قطاع غزة بعد مشاركتها في انتخابات سلطة أوسلو، فيما هي مقموعة وملاحقة في الضفة من قبل السلطة والاحتلال معا.

كل ذلك وسط ربيع عربي يبشر بأفق أفضل للقضية، ما يعني أنه لا حل دون انتفاضة شاملة تفرض على فتح المسروقة وحماس التائهة الانخراط في دورة مقاومة جديدة تملك أفقا حقيقيا بتحقيق إنجاز ولو جزئي في ظل تحولات دولية وعربية جيدة. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات