«انشقاق» داخل الاخوان : لمصلحة من؟

هل يفكر بعض اخواننا في الحركة الاسلامية بالانشقاق عن “الجماعة” ؟ لديّ معلومات تشير الى ذلك، فعلى مدى الشهور الماضية تم ترتيب العديد من “اللقاءات” لمناقشة هذه المسألة، وتوّلد لدى البعض “قناعة” تامة بان اوضاع “الحركة” الداخلية لا يمكن اصلاحها او اعادتها الى “السكة” الصحيحة إلاّ باستخدام “المشرط”، وقد سبق ان سمعنا هذا “المصطلح” من قبل احد القيادات “الاخوانية” لكنه اختفى من التداول العلني، واصبح محورا لنقاشات “سرية” جمعت قيادات اخوانية شعرت “بالاقصاء” بعد الانتخابات الاخيرة وبعض “المنشقين” السابقين عن الجماعة، وامتدت لاحقا لتشمل قيادات اسلامية مستقلة وشخصيات رسمية، بعضها في موقع القرار. حين سألت احد “المطلعين” على هذه الترتيبات ذكر لي بان القضية ما تزال قيد النقاش، وبان ما دفعهم لذلك هو احساسهم بان “الجماعة” جرى اختطافها من قبل البعض وبانها لم تعد تمثل “الفكرة” التي استلهموها من الامام البنا - رحمه اللـه ـ وامنوا بها بعد ذلك، اضاف الرجل بان الذين “يتسيدون” المشهد في الحركة مشغولون بحسابات لا علاقة لها بالحركة ولا بالبلد، وان محاولات كثيرة بذلت “لرأب” الصدع وايجاد حالة من التفاهم او التوافق تجعل الجميع شركاء في رسم القرار لكن الطرف الاخر ضرب عرض الحائط بكل العروض.. وتصرف وكأنه هو “الحركة” دون ان يأخذ بعين الاعتبار ما انجزته الجماعة وما يفترض ان تنجزه في هذه المرحلة الصعبة.
قلت للرجل: الجماعة ليست مِلكا لهؤلاء وانما هي ملك للجميع، فقد ساهم في بنائها “رجالات” الاردن على مدى “60” عاما، ومن الخطأ ان تنزلوا من “المركب” او ان تفكروا “بالانشقاق” لان المستفيد عندئذ سيكون الطرف الذي تختلفون معه، اما الخاسرون فانتم اولا والبلد والجماعة ايضا.
قال لي موضحا: الجماعة ليست “تنظيما” فقط، ولا مجرد “تركة” ورثناها، وانما هي في الاصل “فكرة” آمنّا بها ودافعنا عنها. وقد استطعنا فيما مضى ان نجعل منها “ركنا” وطنيا صلبا، لكي تتماهى مع القضية “الوطنية” اولا، ومع قضايا العربية والاسلامية ثانيا، لكن هذه الفكرة تراجعت للاسف لدى البعض وتحولت الى “اشخاص” احيانا و”اشياء” احيانا اخرى، دار البعض حولهما واعتبرهما بديلا للفكرة.. ونحن حريصون على اعادة “الاعتبار” لهذه الفكرة التي ولدت منها الجماعة.. وقادرون على حملها ايضا.
لم اقتنع بالطبع بما ذكره الرجل، فانا اعتقد ان اي تفكير “بالانشقاق” لن يكون في صالح احد، وثمة تجارب سابقة اكدت هذه النتيجة، كما انني لم اتردد في “دفع” مثل هكذا تفكير، ولكنني شعرت - للاسف - بان ثمة “طبخة” تجري: صفقة ان شئت، لا اعرف تفاصيلها بالكامل، ولكنني “اشم” رائحتها واعتقد انها ان حصلت ستكون “مفاجأة” كبيرة.. اما اذا كانت مجرد “تلويح” وتخويف ومحاولة للضغط باتجاه كسر حالة “الاستحواذ” داخل الجماعة فلكل حادث - عندئذ- حديث.
( الدستور )