ماذا بعد فوز أوباما؟

بكلفة ستة مليارات من الدولارات انتهت الحملة الانتخابية في أميركا بفوز الديمقراطي أوباما بولاية ثانية لمدة أربع سنوات أخرى ، وهزيمة الجمهوري رومني.
إذا كانت المعركة بين اليسار المعتدل واليمين المتطرف ، فقد فاز اليسار بشكل حاسم.
وإذا كانت المعركة بين النخبة البيضاء من أصل أوروبي التي تمثل القوة المالية والثقافية والاقتصادية وبين الأقليات والملونين والنساء أي الفئات الضعيفة ، فقد فازت الأقليات.
وإذا كانت المعركة بين الاستمرارية والاستقرار السياسي والإداري الذي يمثله الرئيس الحالي من جهة والتغيير الذي كان سيجيء به المرشـح المتحدي من جهة أخرى ، فقد اختار الشعب الأميركي الاستقرار.
وإذا كانت المعركة طبقية تمثل تناقض مصالح الأغنياء والفقراء ، فقد فاز الفقراء واندحر دهاقنة وول ستريت ولو إلى حين.
فوز أوباما بولاية ثانية قوبل بالارتياح في جميع دول العالم باستثناء إسرائيل والباكستان ، الأولى لأنها تعتقد أن أوباما ليس على استعداد لتلقي الأوامر من نتنياهو وخاصة في الموضوع الإيراني ، والثانية لأن أوباما أمر القوات الأميركية والطائرات بدون طيار بضرب أعماق الباكستان وخرق سيادته بحجة استهداف الإرهابيين.
عربياً لم يحقق أوباما ولو جزءاً من الآمال التي كانت معقودة عليه ، وسبب قدراً من الإحباط ، ولكنه يظل الاقرب لفهم مستقل للصراع في المنطقة من منافسه الذي حمّـل الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال مسؤولية تخلفه وفقره.
يقال أن الرئيس الأميركي الذي يفوز بولاية ثانية يصبح أكثر قوة واستقلالاً وقدرة على الحركة فيما يتعلق بالشرق الأوسط ، لأنه لم يعد خاضعاً لنفوذ اللوبي الصهيوني وأصوات اليهود ، ولكن لا تجوز المبالغة بهذه الميزة لأن الصهيونية تملك وتدير معظم أجهزة الإعلام الأميركية وتستطيع أن تشوي الرئيس على نار هادئة فيما إذا تمرد عليها وتجاوز الحدود المرسومة له فيما يتعلق بإسرائيل.
أسئلة كثيرة وقضايا كبيرة تنتظر الحسم من قبل الرئيس في عهده الجديد ، فهل سيحاول التوصل إلى حل ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويقيم دولة فلسطينية في حدود 1967؟ وهل سيتدخل في سوريا ابتداء بتسليح المعارضة وإنتهاء بحظر الطيران؟ وهل يخضع للضغط الإسرائيلي ويشارك في توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية؟ وهل سيبلور سياسة جديدة تجاه دعم الحركات الإسلامية بعد ما جرى في ليبيا؟.
شـهور قليلة وتتضح ملامح السياسة الأميركيـة الخارجية في عهد أوباما الثاني. ( الرأي )