حيث تختل موازين العدالة..

تم نشره الجمعة 09 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 01:00 صباحاً
حيث تختل موازين العدالة..
حسين الرواشدة

لو كان يمكن اختزال الاسلام في كلمة واحدة لكانت الكلمة هي العدل ، والعدل - هنا - ليس مجرد احكام تصدر ، او تقاضْ يتم ، او حدود تقام ، وانما نظام عام شامل ، يتعلق بالانسان في كل حركاته وسكناته ، وبالكون والحياة والآخرة ايضا ، وهذا ما يميز العدل في الاسلام عن غيره من المنظومات البشرية الاخرى ، وما يجعله صنو الاسلام فعلا.. اذ لا يمكن لاحد ان يتصور عظمة الاسلام وانسانيته وصلاحيته بكل زمان ومكان.. لو كان العدل مجرد جزء منه.. لا مستغرقا - كما هو الحال - في كل جزء فيه.. من عبادات ومعاملات وأحوال ، لدرجة ان غياب العدل يعني - تماما - غياب الاسلام.

في القرآن الكريم يتردد مفهوم العدل اكثر من ثلاثمئة مرة ، كما يتردد مفهوم رفض الظلم وثلاثمئة مرة ايضا ، ويتوافق العدل في احيان كثيرة من الحق ، فالاثنان اسمان من اسماء الله الحسنى ، ويقرر الخالق عز وجل ان هدف الانبياء والرسالات والكتب هو اقامة العدل ، وانه تعالى قائم بالقسط شهد الله انه لا إله الا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط ، وان لا شيء يتقدم على العدل حتى لو ضد النفس او الوالدين والاقربين يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم او الوالدين والاقربين ، كما انه لا يجوز ممارسة الظلم ضد الآخرين حتى لو كانوا اعداء ولا يجر منكم شنآن قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى ، والعدل هنا مطلوب مع الذات في دائرتها الاولى ومع الاهل والجيران والمجتمع والآخر ، والانسان العادل لا مجرد الامام العادل هو الموضوع والمقصود ايضا.

في المرحلة الاول من الدعوة الاسلامية انصب الجهد على اقامة التوحيد كركيزة اولى من ركائز الاسلام ، ومع انشغال الصحابة بذلك الا ان العدل كركيزة ثانية للدين وجد اهتماما ايضا ، وما اكثرها صور العدل التي شهدها تاريخنا الاسلامي في بداياته ، لكن هذا الاهتمام انحسر فيما بعد ، خاصة على صعيد الفقه الاسلامي الذي افرد مساحات كبرى لتفاصيل العبادات ، وبعض المعاملات ولم يعط العدل كقيمة مثل هذا الاهتمام ، والاسباب - بالطبع - مفهومه ، وفي مقدمتها هيمنة السياسي وقلة الحيلة احيانا في الاشارة الى الظلم.. الخ ، لكن ذلك لم يمنع فقهاءنا الكبار من اعتبار العدل محور الشريعة وأساسها ، ومن اخراجه من اطار السياسة والامامة الى اطار الحياة الاوسع وربطه بالآخرة واعتماد موازين العدالة حكما على قوة الدول ومعيارا لسقوطها او نهوضها.

اليوم ، نحن بحاجة الى اعادة فهم موضوع العدل اجتماعيا كان او سياسيا او اقتصاديا ، والى اعادة صوره ومجالاته ونماذجه ، والى اقامة موازينه كشرط للنهضة او الصحوة التي نريدها.. فالمجتمعات التي تغيب عنها العدالة ويعمّ فيها الظلم.. محكوم عليها بالفشل مهما كانت قوية،وحين تختل موازين العدالة فعلينا ان نتصور بان كل شيء قبيح يمكن ان يحدث بلا مقدمات..وبلا استئذان ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات