تغدينا "بمعيته"

تقلص أعداد أصحاب "المعِيّة" في البلد الى درجة كبيرة. فإلى سنوات قليلة مضت، كان كل رؤساء الوزرارات والوزراء وكبار النواب والأعيان وصولاً الى عدد محدد من الأمناء العامين ونخبة من الحكام الادرايين من مستوى محافظ ومتصرف في بعض الأحيان، يحوزون على "مَعِيّة" خاصة بكل واحد منهم.
كنتَ إذا رافقتَ أحداً من هؤلاء في سفر أو حضرتَ معه احتفالاً أو تناولتَ بحضوره غداء او عشاء او ما شابه، فإنه من قبيل الذوق أن لا تقول أنك كنت معه أو برفقته او تغديت وتعشيت بصحبته، بل عليك أن تقول أنك كنت بـ"معيته"، أو تكتفي بالقول: "كنا بالمعية"، وفي الحالة الأخيرة فإن "صاحب المعية" المقصود من بين الحضور يكون معروفاً، وإذا حضر اثنان او أكثر من أصحاب المعية، فإن أقلهما شأناً يكون هو أيضاً "بالمعية"، مع أنه يحوز على "معية" خاصة به ويتمتع بها، ولكن في مناسبات أخرى.
لا تحوي المعاجم والقواميس أية معانٍ لكلمة "معية"، وهي غير موجودة بالمرة، ولا بأي اشتقاق لغوي، وقد بحثت يوم امس في المعاجم الكبيرة ومنها "لسان العرب" وغيره، ثم بحثت في قاموس اللهجات الشعبية، ولم أعثر على أية إشارة للكلمة مع انها تستخدم بشكل رسمي. ومن المرجح أنها مجرد اشتقاق خاص يكثف حالة الـ"مَعْ"، أو لنقل إنها تعني: "مَعْ مكثفة" الى درجة الالحاق المقبول والمعلن.
الملاحظ مؤخراً أن كثيراً من اصحاب "المعية" فقدوها، ومن بينهم أصحاب "معيات" عليا، وأصبحنا اليوم أمام عدد محدود من"المعيات" المركزة بيد فئة خاصة، وفيما يبدو أن عدالة توزيع "المعيات" هي الأخرى، تتعرض لخلل شديد.
( العرب اليوم )