المجتمع الأردني يطرد العازبين من مساكن العائلات
المدينة نيوز - فقد العشريني محمد الأمل بإيجاد «عش الزوجية» الذي كان يحلم به، بعد أن خذله دخله الشهري البالغ 400 دينار (565 دولاراً) في العثور على منزل للايجار. وتفاجأ محمد، الذي سيتزوج بعد شهرين، عندما تعرف الى أسعار إيجارات الشقق في مناطق عمان الغربية، على رغم سعيه للحصول على شقة لا تتجاوز مساحتها 120 متراً.
ولا يزال الشاب الذي يحمل قائمة طويلة من المطالب المتعلقة بحفلة الزفاف عالقاً بين ارتفاع الإيجارات وموعد زواجه الذي يقترب يوماً بعد يوم، ويقول: «لم أعد أعرف كيف أتصرف... التفكير بتملك شقة بات ضرباً من الجنون، لذا نبحث عن الايجار». ويضيف: «ليس أمامي خيار سوى البحث عن شقة في إحدى مناطق عمان الشرقية التي تفتقر إلى الخدمات، أو في الضواحي النائية البعيدة عن مكان عملي».
ويوضح محمد أن «إيجار الشقة الصغيرة يتجاوز 200 دينار شهرياً (أي ما يعادل نصف راتبه) وفي المناطق الشعبية قد تبلغ 140 ديناراً وهو بمطلق الاحوال ربع الراتب، الذي سرعان ما يتلاشى على شكل اقتطاعات قروض يدفعها الشاب من غير مساعدة ذويه، الذين اكتفوا بتأمين مصاريف دراسته الجامعية فقط، وذلك لسوء أوضاعهم المعيشية، كما يقول.
حال محمد لا تختلف عن أحوال شريحة واسعة من الشباب الأردني في ظل تضاعف إيجارات الشقق وأسعارها خلال السنوات الخمس الماضية، اذ شمل ارتفاع أسعار العقارات معظم مناطق المملكة وسط زيادات متواضعة على مستويات الدخول.
وللشاب باسم الصالح (26 سنة) قصة مشابهة، إذ تفاجأ قبل أسابيع من موعد زواجه بتحويل العديد من الشقق المخصصة للإيجار إلى الاستثمار كشقق مفروشة، ما يعني ارتفاع ايجارها الشهري إلى أرقام فلكية.
ويقول: «يجب ان أبحث عن بيت صغير للإيجار لا تتجاوز مساحته 90 متراً، وأن يكون في إحدى مناطق عمان الشرقية، وأن يكون أيضاً مشيداً بالأسمنت وليس بالجحر الأبيض، فكل هذه المواصفات المتواضعة ستقلل من التكلفة، لكن المشكلة أن كل الشقق التي شاهدناها، مفروشة». ويشير إلى أنه يبحث عن شقة للإيجار منذ حوالى شهرين، إلا أنه لم يجد مبتغاه. «الإيجارات مرتفعة جداً، ولا تراعي ظروف المواطنين الاقتصادية. سأكون مضطراً إلى البحث عن عمل إضافي، لتأمين تكاليف السكن، وربما تساعدني زوجتي هي الأخرى في البحث عن عمل لها، لتأمين بقية المستلزمات التي لا تعد ولا تحصى».
شقق العزوبية
عقدة البحث عن المسكن ليست محصورة بفئة المقبلين على الزواج فقط، كما يقول الشاب مصطفى (28 سنة) الذي وجد نفسه مضطراً لقطع مسافة 100 كلم يومياً من مدينة إربد الشمالية حيث يسكن مع عائلته، إلى مكان عمله في العاصمة عمان، وذلك بعدما رفض العديد من أصحاب العقارات تأجيره شقة لكونه شاباً عازباً. ويقول: «حاولت جاهداً الاستقرار في شقة صغيرة بالقرب من مكان عملي لكن من دون جدوى». ويتابع: «لم أتصور أنا وغيري من العازبين أن ترمي بنا الظروف إلى هذا الحد... الجميع يرفض استقبالنا، كأننا أصبحنا أفراداً لا يقبلهم المجتمع».
ويتكرر المشهد مع بسام المجالي (22 سنة) القادم من مدينة الكرك الجنوبية، ويقطن في شقة مع 6 من زملائه العازبين حيث أبلغهم صاحب العمارة بضرورة تركها حالاً، وذلك بعد شكاوى قدمها سكان شقق مجاورة تطالب بطرد الشباب من مجمع للعائلات.
ويقول صاحب مكتب عقاري في منطقة المدينة الرياضية هو برجس العبادي، إن غالبية الشباب المقبلين على الزواج يطلبون شققاً بمساحات لا تتعدى 120 متراً، مشيراً إلى أن الكثير منهم يرصدون مبالغ تتراوح بين 200 و250 ديناراً شهرياً، لكنهم غالباً ما يضطرون إلى تغيير وجهة سكنهم.
وحول إمكان توجه الشباب، وبخاصة المقبلين على الزواج، إلى تملك شقق سكنية، يقول موفق السعيد وهو صاحب مكتب عقاري، إن أسعار الشقق مرتفعة بالأصل لا سيما الحديثة منها، وهو الأمر المرتبط بارتفاع أسعار الأراضي وتكاليف البناء، إضافة إلى الأرباح الكبيرة لأصحاب شركات الإسكان. وعن التسهيلات المصرفية التي يقدمها العديد من البنوك لتملك شقق ومنازل أو ما يعرف بـ (الإيجار المنتهي بالتمليك) يوضح السعيد أن مثل هذه التسهيلات «تشترط تأمين دفعة أولى من سعر الشقة تتجاوز الـ15 ألف دينار، وهو رقم يصعب على الكثيرين تأمينه، إذا ما نظرنا إلى مرتباتهم المتدنية أصلاً».
ويلفت الى أن أسعار الشقق التي تفوق مساحتها الـ 180 متراً، تبدأ من 70 ألف دينار، في حين تبدأ أسعار الشقق الصغيرة من 50 ألف دينار.(الحياة)