عندما تنتصر الحكومة على الشعب

الرفع قبل الدفع يعني أن الحكومة ستجمع أموال الدعم من الناس أولا، وبعدها تقدمه نفسه عل أساس أنه الدعم التعويضي، وسيكتشف الناس مدى الخداع الذي يمارس عليهم لدى استلامهم المبالغ، ويجدونها لا تعوض مجرد فرق سعر المحروقات، فما بال المواصلات التي ارتفعت فعلا، وباقي المواد والخدمات التي سترتفع أسعارها تباعا، وسيتأكد للجميع قبل أن يستحق الدفع أن الحكومة هي من يحقق الأرباح بدون رأسمال مدفوع، وإنما خاوة من الناس.
الرئيس النسور وهو يحاول تمرير الرفع استشهد برفع مصر محمد مرسي للدعم عن بعض السلع كونه من الإخوان المسلمين، فتسلم ردا سريعا فحواه: كن منتخبا وافعل وقرر ما تشاء، أما من هم لجانبه فاستشهدوا بالإجراءات التقشفية في دول أوروبية، وهؤلاء أتاهم الرد سريعا أيضا، بأنه لو كان الأردن بمستوى ربع حياة واقتصاد ومعيشة أي من هذه الدول لكان الحال مختلفا. أما وأن حال الناس على ما هو عليه من سوء فإن ردود الفعل حتى الآن بمستواها العادي أو أقل، وذلك بعيدا عما هو عنيف ومرفوض من الجميع، ولو ترك الناس على سجيتهم بالتعبير دون التصدي لهم وإرسال الزعران والبلطجية المندسين إلى صفوفهم لما شوهد أي عنف أو تدمير وحرق، وقيل أمس إنه عندما غادر الدرك دوار وصفي في إربد عاد الهدوء، وأن أجواء السلمية طغت لعدم وجود مجرد رجل أمن واحد بالمكان، كما بدا غياب المندسين بغياب الشرطة جليا.
وبسحب الحال على كافة المناطق، وعلى أساس مهام أمنية لحراسة المنشآت، لكنا شهدنا حالا مختلفة، غير أن الجميع تابع محاولات منع المحتجين والتصدي لهم وتفريقهم، ما أنتج مشهدا كان بالإمكان تفاديه.
المشكلة الآن هي بلعبة عض الأصابع التي تمارسها الحكومة وتدفع إليها بظن منها أن الشعب سيرضخ في النهاية، وفوق ذلك تمتحن صبره وقدرته على الرفض باعتقاد أنها ستنتصر عليه، والأخطر أنها لا تدرك أن هزيمة الشعب ستدفعه إلى مواقع لا يمكن لأحد توقعها، إذ ستكون مفتوحة على كل الاحتمالات. ( السبيل )