ثورة الشعب السوري تجسيد لثورة الحسين

تم نشره السبت 17 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 01:44 صباحاً
ثورة الشعب السوري تجسيد لثورة الحسين
د. رحيّل غرايبة

هل هناك في العصر الحديث أكثر تجسيدا واصدق تمثيلا لثورة الحسين "رضي الله عنه" من ثورة الشعب السوري، وهل هناك أكثر تصويرا لمذبحة كربلاء الحزينة من مذبحة الشعب السوري ، ولكنها صورة اكبر وأوسع واشمل، وأكثر من حيث عدد الضحايا والقتلى والجرحى والمشردين وأكثر تأثيرا في المحيط الإقليمي ودول الجوار .
ثورة الحسين نموذج حي وصادق وقوي التأثير ،للثورة على الظلم والطغيان التي تمثل السيف مقابل الدم ، و المخرز مقابل الكف ، والحق الذي يواجه الباطل ، فقد ثار الحسين على يزيد لأنه استبد بالإمارة والسلطة عن غير مشورة من المسلمين ، وقد جلس على كرسي الخلافة ليس لأنه الأكثر كفاءة أو الأعظم أمانة ، وليس هو الأتقى أو الأقوى ، وليس باختيار أهل الحل والعقد الذين يمثلون المسلمين ، بل جاء بالوراثة وبسيف أبيه وبتواطؤ الصامتين والمتخاذلين.
ثورة الحسين لا يمكن فهمها على إنها ثورة لاستعادة حق شخصي ولا حق عائلة ، بل هي ثورة مبادئ وقيم ، وثورة حق وعدالة ، وثورة لاستعادة حق عامة المسلمين باختيار الحاكم وبيعته ، والحسين لا يرى بقربه من بيت النبوة إلا تحّمل الأمانة على حق الأمة وضرورة بذل أقصى جهد من اجل الدفاع عن هذا الحق وحراسته ، بدليل انه سكت على سلطة معاوية الذي جاء للحكم في عام الجماعة يتوافق عام من المسلمين من اجل وضع حد للفتنة وإراقة الدماء ، ولكنه لم يسكت على نقله ليزيد على هذا النحو الذي يمثل منهجا مغايرا لمنهج الخلفاء الراشدين ، الذين ارسوا معالم منهج الشورى .
هذا يدفعنا إلى القول إن التبعية لمنهج الحسين ، والاقتداء بثورته ليس بالقول ولا باحتكار الولاء المقدس والتقليد الأعمى ، ولا يجوز احتكاره من بعض الأشخاص أو الفئات ليصبح بضاعة تباع وتشترى ، إن التبعية للحسين "رضي الله عنه" بالانخراط في الثورة على الظالم ، والثورة على الطاغية ، والانتصار للدماء والشهداء في وجه القوة الغاشمة ، والانتصار للكف في مقابلة المخرز، والانتماء للحسين يكون بالفعل لا بالقول الخالي من المضمون ، ولا في البحث عن المصالح الباهتة وتضييع المبادئ .
إن كل من وقف و يقف مع نظام الأسد الدموي القمعي ، الذي يستخدم كل أدوات القتل والبطش ، ضد الشعب السوري الثائر ، إنما هو بعيد عن مبادئ الحسين وقيم ثورته النبيلة ، وهو شريك في المذبحة وشريك القتلة ، وهو من جند الظلمة وأعوانه الجبابرة الذين اغـتـصبوا حـق الأمـة ، واستبدوا بالسلطة بالقوة الغاشمة واصحبوا أدوات للقتــل والقمع وإراقة الدمــاء والتنكــيل بالأحرار .
إذا كان يؤخذ على يزيد استباحة المدينة المنورة لمدة ثلاثة أيام ، فقد استباح بشار سورية كلها لمدة عامين ، قتلا وفتكا وتشريدا ، وإذا كان الحجاج قد قتل بضعة آلاف من اجل إخماد ثورة "سعيد بن جبير" و"الأشعث" وغيره من الثائرين على الظلم والاستبداد ، في سبيل بقاء عبد الملك بالسلطة ، فقد قتل بشار الأسد وأبوه أضعاف أضعاف ما قتل الحجاج وعبد الملك ويزيد وهشام .
انه لمن المؤسف حقا أن من يسمي نفسه من أتباع الحسين رضي الله عنه ، ويحتفل بعاشوراء ، وان يبرر لنفسه المشاركة في إخماد ثورة شعب بأكمله يطالب بالحرية والكرامة والعدالة ، ووضع حد للظلم والاستبداد والفساد واحتكار السلطة .
البحث عن المبررات أمر سهل ، وهناك دائما توجد مبررات ، لمن يبحث عنها ، ولكن الشعب السوري يعرف الحقيقة المرّة ، ويعيشها ويموت من اجلها ، وسيكتبها التاريخ ، وسوف تقف عليها الأجيال بوضوح ، وقريبا سيعيد الشعب السوري بناء دولته وإعمارها وسوف يجد في كل بيت حكاية ، وتحت كل حجر قصة ، وبكل قطرة دم شهيد ومصاب ستكتب رواية أطفال سورية المستقبل .
إن من يقتل شعبه، ويستبيح وطنه لا يستطيع مقاومة العدو ولن يحمي نفسه من الغزو، بل يقدّم الدولة لقمة سائغة للصهاينة، وهكذا يفعلون . ( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات