العدوان يتجاوز غزة

ليست المرة الاولى التي يدفع اطفال غزة من دمهم فواتير غيرهم، لكن القطاع الخاصرة الرخوة لتبريد كل الملفات الاخرى الساخنة، لم يعد بلا انياب، بعد أن وصلت الصواريخ من غزة إلى قلب تل ابيب، ومع هذا يبقى الاسهل في حساب الاصوات الاسرائيلية التي تصب الان مباشرة في صالح رئيس الوزراء الاسرائيلي المتطرف بنيامين نتنياهو. العدوان الإسرائيلي البربري على قطاع غزة يتم بغطاء أميركي وتنسيق كامل، لكنه يتجاوز غزة الى ملفات ساخنة اخرى. وبعد اسابيع من فوز باراك اوباما، وقبل شهرين من الانتخابات الاسرائيلية. نتنياهو الذي خسر رهانه على المرشح الجمهوري رومني يريد اعادة الوصل من جديد مع واشنطن، من أجل تأكيد برنامجه الذي طرحه قبل 14 عاما، ولوضع أجندته ( أولوياته) أمام الرئيس أوباما، والتي تتركز على: أسبقية معالجة التهديد الإيراني، واعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، واستمرار البناء في المستوطنات، وتأكيد رفض الانسحاب من الجولان وهو مستعد لأن "يحكم الفلسطينيون أنفسهم " في نصف الضفة فقط، تحت إشراف أمني إسرائيلي. خطة نتنياهو القديمة الجديدة (وعلى المكشوف): دولة فلسطينية تحت انتداب أمني أردني - مصري، حتى لو لم توافق على صيغتها إدارة أوباما، وتنسف خطة الدولتين المقترحة من الولايات المتحدة. يضع نتنياهو خطة لها أرضية خصبة في ظل الانقسام الفلسطيني، وسينسف خطة الدولتين من رأس الإدارة الأميركية، ويزرع بدلا منها خطته القائمة على الوصول إلى اتفاق نهائي مع الفلسطينيين، يؤدي إلى الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، مقابل اعتراف إسرائيل بقيام دولة فلسطينية في الأراضي التي احتلت عام 1967 ، متعهدا بإخلاء مستوطنات من الضفة، وإنهاء هذا الملف، وسيحاول التخفيف من وجود الحواجز العسكرية والمباشرة بفتح آفاق اقتصادية لتطوير مناطق السلطة. ويرى نتنياهو أن موضوع الاعتراف بيهودية الدولة مهم جدا لإسرائيل، لأنه يعني إسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى مناطق 1948 . كما تقوم خطة نتنياهو على الطلب من أميركا دعم السلطة الفلسطينية، وتدريب عناصرها الأمنية، وتزويدها بالأسلحة، وتقويتها لتستطيع حماية الدولة المقبلة، وسيطلب تعاونا أمنيا شاملا بين الدولة الفلسطينية والأردن ومصر، ويعتبر إشراك مصر والأردن في الاتفاقات والترتيبات الأمنية كافة مع الجانب الفلسطيني ضروريا ومهما. خمسة ايام من العدوان وغزة وجهها للبحر وظهرها كشعبها مكشوف للاحتلال وظلم ذوي القربى. في غزة أكثر من مليونين من البشر لا ذنب لهم سوى أنهم ضحية احتلال بغيض واختطاف وخلاف فصائل. في غزة أطفال محاصرون يراجعون واجباتهم المدرسية على ما تبقى من ضوء الشموع، ونساء عُدن للعصر الحجري في طبخ الحصى لأبنائهن، ولكن أين الفاروق عمر هذه الأيام؟ غزة تتنفس بصعوبة بالغة في مختبر الحصار المفروض عليها منذ سنوات، ولكنها ما تزال على قيد الحياة، ويدفع أطفال غزة بالدم ثمن الأوضاع التي تعيشها الحكومة الإسرائيلية، فطائرات نتنياهو تعربد متى شاءت وتقصف كل ما تريد في القطاع المحاصر، ويتساقط الشهداء في رفح وغيرها من مناطق القطاع من دون أن يدفع ذلك قيادتي فتح وحماس إلى أن تردا على ذلك بتنفيذ المصالحة المعلقة منذ سنوات، والأمل في رقبة الربيع العربي أن يضغط على الفلسطينيين لإنجاز المصالحة التي هي الطريق الوحيد لحماية الشعب الفلسطيني وإنهاء الحصار الذي طال. ترى أية أحداث ستفاجئنا من الآن إلى شهر كانون الثاني المقبل؟ وهل ستبقى المصالحة الفلسطينية غائبة وحائرة، ويبقى حصار غزة معلقا في رقبة قوافل الإغاثة التي لا تصل، أم تبقى غزة مختبرا للتجارب ؟
( العرب اليوم )