قتل الشهداء والشهود!

تم نشره الثلاثاء 20 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 12:59 صباحاً
قتل الشهداء والشهود!
خيري منصور

 

قتل الشهداء تتولاه للمرة الالف امبراطورية العدالة العرجاء في واشنطن، ولا مبالاة ذوي القربى في محيط عربي فقد البوصلة، اما قتل الشهود فتلك مهمة اسرائيلية بدأت منذ قتل أول صحفي شاهد، لهذا كان برج الشروق في غزة ومبنى آخر تتجمع فيه مكاتب اعلامية في مقدمة الاهداف الاستراتيجية للقصف، وذلك قبل الشروع في المرحلة الثانية من العدوان وهي مرحلة الاجتياح البري، كم من الخيال يحتاج الواحد منا الآن كي يتصور نفسه هناك؟ سواء كان يلملم أشلاء أطفاله أو يتحول الى رماد تحت «عمود السحاب» الذي يمطر ناراً، لكن النار والنور توأمان، وما يضيء الأزقة والدواء وطبشورة المدرسة وجبهة الصواريخ والرصاص المصبوب وأخيراً وليس آخراً سحب الدخان التي لم تحجب المشهد التراجيدي الباسل، فالعالم الآن عينه على غزة، واسمها يقترن بكل اللغات في شتى عواصم الأرض، لأن الجريمة اتضحت، ومن ثم افتضحت، وما من سبيل الآن للصمت، لأنه يتجاوز اللامبالاة الى التواطؤ.

ما يجري هو قتل مزدوج للشهداء الذين ترى فيهم واشنطن ثمناً لأمن الحلف الاول والأخير، فالأفعى التي تلدغ العصفور انما تدافع عن أمنها ضد منقاره.. لكن منطق التاريخ والاسطورة والعقائد هو ان تعوض الارادة الفذة النقص في حروب جائرة وغير متكافئة في رحم أمه حتى أقاصي هذا الكوكب.

ان كل حروب الاحتلال تكون غير متكافئة بمقياس حواسيب الاسلحة والتكنولوجيا، وما حدث في فيتنام كان مثالاً، لكنه تحول بفضل الصمود والمقاومة الى أمثولة عن عصفور انتصر على الغراب، وفراشة حلقت بحرية في سماء عادت الى صفائها بعد ان ملأتها بالدخان غربان الفولاذ.

غزة الآن لا تستغرق في الأنين والاستغاثة، بعد ان جربت ذلك مراراً وأدركت بأن المرسل اليه اما نائم أو ميت أو مشتبك مع أخيه في حروب هابيل وقابيل العربية، التي تعيد انتاج أيام العرب البسوسية، لكن بتكنولوجيا ما بعد الحداثة وايديولوجيا ما بعد القومية والعروبة.

لهذا لم يسلـّم القطاع أمره الى من قاطعوه ويستهدفون تقطيعه، وهو اذ يقاوم بما تيسر له يبرهن للعالم بأسره على استحقاقه للحياة، وغزة ذات الاسماء والالقاب العديدة في زمن السلم، هي الآن غزة ذاتها باسمها الصريح، وفي غمدها الجغرافي الذي تحول الى قمقم قبالة بحر أعلن العصيان على القراصنة وتحت سماء تغسل أعمدة الدخان بمطر سخيّ.

قاتلت غزة ولا تزال على عشرين جبهة وجبهة، جبهة الحصار والظلام والظمأ، والبيوت في غزة التي تعيش في العتمة هو هذه النيران، فهي الدليل الى جُحر القاتل وهي التي تفتضح الخذلان المتكرر لدى من ادركوا بأنهم وحيدون، لكنها وحدة الرّماح المغروزة في الرمل تحت سماء ملبدة بالطائرات لا بالغيوم والجنرالات الذين أخفقوا في رمي غزة الى البحر يحققون الآن ولم يقتربون منها عبر اليابسة، اما السماء فلن تكون ذات فحيح عبري حتى لو ازدحمت بآلاف الاباتشي والفانتوم.

هؤلاء الاطفال الذين تستهدف اسرائيل من خلالهم مستقبلنا تلبية لما وعظت به غولدمائير وهو مطاردة الجنين الفلسطيني.

( الدستور )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات