أطفال في نزاع مع القانون يشتكون تعرضهم للإساءة من الشرطة
المدينة نيوز - بصوت متردد، تحدث مراد (14 عاما)، الموقوف حاليا على ذمة قضية سرقة، عن تجربته المريرة في "التعرض" للضرب المبرح من قبل الشرطة، أثناء توقيفه والتحقيق معه، ليجبر على الاعتراف بـ 21 واقعة جرمية "لم يقترف" منها في الحقيقة سوى واحدة، كما قال.
يقول مراد (اسم مستعار)، في مداخلة له أثناء حفل إطلاق دراسة "التدابير القانونية وسياسات منع ومعالجة حالات العنف ضد الأطفال خلال فترة الاحتجاز (دراسة حالة/ الأردن)"، الذي اقيم أول من أمس في مركز تربية وتأهيل أحداث عمان، "تعرضت للضرب المبرح من قبل شرطي في البحث الجنائي، للاعتراف بأفعال لم ارتكبها، ورغم أن الشرطي الذي دون إفادتي لم يكن ذات الشرطي الذي حقق معي وأجبرني على الاعتراف بأفعال لم أقم بها، لكني ومن شدة الخوف، اعترفت بإحدى وعشرين قضية لم أرتكبها في الحقيقة سوى واحدة" على ما ادعى.
كسر مراد حاجز الصمت، وتحدث أمام جمع من الناشطين والمهتمين بحقوق الطفل، ما شجع ناصر (اسم مستعار)، ليروي حكاية توقيفه في المركز الأمني، وهو الموقوف على ذمة قضية شروع بالقتل، كيف دبّ الرعب في قلبه، أثناء توقيفه، حيث "تعرض للضرب"، كما تم احتجازه في نظارة جميع الموجودين فيها من كبار السن.
ويتابع ناصر (13 عاما) "تم التعامل معي على أنني مجرم وقاتل، لم أكن أقصد أن أعرض أحدا للخطر، لكنني كنت أدافع عن نفسي في مشاجرة مع ولد آخر وشقيقه".
قصتا مراد وناصر تعبران عما تتعرض له نسبة من الأطفال الجانحين، من إساءة وتجاوزات في مرحلة الاحتجاز والتوقيف، في وقت يشدد فيه ناشطون بحقوق الطفل على ضرورة تكثيف الدورات التدريبية لأفراد الشرطة، بفنون التعامل مع الأطفال الجانحين، الى جانب المطالبة بالتوسع في عمل إدارة شرطة الأحداث، التي "أثبتت تجربتها نجاحا في التعامل مع قضايا الأحداث" بحسب ناشطين حقوقيين.
وضع الحدث في زنزانات مشتركة مع البالغين يعد أبرز المشاكل، التي تواجه الأطفال الجانحين أثناء فترة الاحتجاز والتوقيف، الى جانب ان الشرطة "غالبا ما تكبل أيدي الأطفال أثناء إرسالهم للمحكمة"، في وقت ينص فيه قانون الأحداث النافذ على عدم جواز تقييد الطفل بالأغلال أثناء القبض عليهم إلا للضرورة.
ناشطون من قضاة أحداث ومراقبي سلوك ومحامين وصحفيين حضروا الحفل، الذي نظمته منظمة الإصلاح الجنائي، بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية، اكدوا، خلال اللقاء، على أهمية توسيع نطاق عمل إدارة شرطة الأحداث، التي باشرت العمل بداية العام الحالي، لتشمل كافة مناطق المملكة، كونها إدارة متخصصة بالتعامل مع الطفل، وتعد كوادرها مؤهلة بشكل كامل للتعامل مع الأحداث، ولديها القدرة على حل المشاكل ضمن إطار نهج العدالة الإصلاحية.
ويؤكد مدير شرطة الأحداث العميد محمد ظاظا، وفي رده على استفسارات المشاركين في الحفل، أن "الضرب في المراكز الأمنية ليس ممنهجا، إنما هو حالات فردية، يحاسب عليها (الشرطي) الذي يرتكبها".
ويشدد على أن "نزع الاعتراف تحت الضرب أسلوب مرفوض، وغير مسموح به، سواء كان المتهم قاصرا أو بالغا، والقيام بذلك مخالفة صريحة يعاقب عليها القانون".
ويقول إن "أي مؤسسة في العالم يمكن أن تقع فيها أخطاء فردية، وللمتضرر حق التقدم بشكوى لمحكمة الشرطة، وفي حال ثبت حدوث المخالفة من قبل الشرطي فيحاسب، ويتم اتخاذ الاجراءات القانونية بحقه، ومن ضمنها فصله من الخدمة".
في المقابل، أثنى تقرير المركز الوطني لحقوق الانسان الأخير، حول "أوضاع الأطفال المجردين من حريتهم"، على قرار مديرية الأمن العام بإنشاء شرطة الأحداث، معتبرا ان "الإدارة ستلعب دورا مهماً وفاعلاً في خدمة المجتمع، وحمايته من الأعمال غير القانونية، ويفترض أن يكون لها دور وقائي لا يستهان به في قضايا الأحداث، من خلال ترسيخ مفهوم شرطة صديقة للأطفال والشباب، لحمايتهم من خطر الانزلاق".
ومن أصل 300 قضية راجعت إدارة شرطة الاحداث منذ مطلع العام تم حل 80 % منها داخل الادارة ذاتها.
ويبين ظاظا إن "الإدارة تعتمد في عملها على نهج العدالة الاصلاحية في تسوية النزاعات، بمنهجية توازن بين حقوق الضحية والحدث"، مبينا ان "الإدارة الرئيسية مقرها في عمان وتغطي 6 مراكز شرطة في شمال عمان، ونسعى لتعميم عملنا خارج العاصمة، لكن ذلك يتطلب تسخير موارد مادية وأخرى تنظيمية".
ويعول ظاظا على مشروع قانون الأحداث الجديد لتعزيز نهج العدالة الإصلاحية، مبينا أن "مدير الأمن العام، وبموجب صلاحياته، أنشأ إدارة شرطة الأحداث، وتم تدريب كوادر الإدارة، لكن العائق أمامنا يكمن في تأخر إقرار قانون الأحداث".
ويتابع إن "القانون الذي نأمل أن يقره المجلس النيابي القادم يعطي شرطة الأحداث صلاحية حل النزاع داخل المركز الأمني".
( الغد )