عراقيون يدعمون القوائم الوطنية !

لم تكن العملية الانتخابية المتعثرة، تحتاج لأكثر من قرار صادم مثل قرار رفع الاسعار، لكي ينزوي جانبا كل المهتمين بها، ويخجلون في دعمها بالعلن بعد أن قبضت الاحتجاجات خلال الاسبوع الماضي، وفي زخمها غير الطبيعي في اول يومين، على نبض كل الاردنيين، فناموا ليلتهم الاولى مرعوبين، بعد صور دوار الداخلية وشعاراتها، مثلما ضغطت على عصب الدولة بكل اركانها، واصبحنا اسرى دعوى (الله يستر).
يوم الثلاثاء المشؤوم، كنا صباحا مشاركين في جلسة صحافية حوارية مع رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب عبدالاله الخطيب، حيث وضعنا في اخر التطورات على عمل الهيئة، وطلب مساندة الاعلام في محاربة ظاهرة المال السياسي المجرمة بالقانون، والتي تتصدر حديث الاردنيين عن الانتخابات، والتي يلخصها الاكثرية، بجملة فصحى أن النجاح حليف المليونيرية، وبالعامية "امبينه اللي بدفع بنجح".
نقلنا للخطيب تخوفاتنا من سطوة المال السياسي، وبإن اجراءات محاربته غير فعالة، وعلى الحكومة واجهزتها وبالذات الامنية أن تكون حاضرة لمحاربة الظاهرة، التي تطعن في نزاهة الانتخابات، ومن دون وقفة جادة وملموسة لن نرى انتخابات شريفة.
الحديث عن المال السياسي في هذه الانتخابات تجاوز الممارسات القديمة التي نعرفها، والتي يقوم فيها المرشحون وعبر مفاتيحهم الانتخابية بشراء ذمم الناخبين، من خلال دفع مبالغ لهم على ان يقسموا امامهم بأن لا يخونوهم، او يتم حجز البطاقات ليوم الانتخابات، ويكون الدفع على مرحلتين، قبل الانتخابات ويوم الاقتراع، او عن طريق شراء شيخ العشيرة او المختار، وهو الذي يوزع بحسب ذمته على جماعته.
الان، وفي مرحلة القائمة الوطنية التي ناضلت القوى السياسية طويلا لفرضها في قانون الانتخاب، اصبحت هذه القوائم المنتظرة مرتعا للمال السياسي، ليس المحلي فقط بل العربي.
في المعلومات المتواترة من الصالونات السياسية، والتي تحتاج الى تدقيق المعنيين، أن مستثمرين عراقيين اصحاب سطوة وحظوة ولهم شركاء متنفذون في الاردن، دخلوا على الموضوع الانتخابي، ويقومون بالتنسيق مع رؤساء قوائم (وحزبية بالذات) لكي يقدموا دعما ماليا لقوائمهم، وبالتأكيد هذا ليس لعيون الانتخابات والاصلاح في الاردن، بل لكي تقوى شوكتهم اكثر، ليصلوا الى مرحلة التدخل في التشريع الاردني.
لكن الطريف في المال السياسي ايضا، انه تجاوز شراء الناخبين الى شراء مرشحين ونواب المستقبل، من أجل ضمهم الى القوائم الوطنية، وهذا ما يفعله حزبي جديد على الحياة السياسية، يطمح لبناء قائمة وطنية كاملة من 27 مرشحا، ويتجاوز طموحه النيابة الى تشكيل حكومة برلمانية.
إذا لم تقطع ايدي المال السياسي عن الانتخابات المقبلة، فإننا بالتأكيد سنرى اعضاء في المجلس المقبل، مكانهم الطبيعي، خلف القضبان لا تحت قبة البرلمان.
( العرب اليوم )