لا للمكاسب الشخصية
تم نشره الأربعاء 21st تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 09:09 مساءً
.jpg "لا للمكاسب الشخصية")
نبيل غيشان
يجب عدم السماح ببناء شبكة مصالح ذاتية نيابية حكومية .
أراح جلالة الملك الأردنيين الذين كانوا ينتظرون تحديد مصير القانون المعدل لقانون التقاعد المدني الذي وضعه مجلس الأمة في جلسة مشتركة حاولت إلغاء القانون المؤقت الذي وضعته حكومة سمير الرفاعي لإلغاء امتيازات التقاعد المدني للنواب والأعيان.
جلالته انتظر حتى آخر لحظة في المهلة الدستورية، واستعمل حقه قبل 48 ساعة من نفاذ القانون وأعلن رد مشروع القانون الذي فصّله النواب والأعيان على مقاسهم. ويأتي تدخل الملك انتصارا لمبدأ العدالة المجتمعية ومنعا من التكسب على حساب الوطن وترشيدا للنفقات العامة في هذا الوقت الصعب.
ويأتي تكليف جلالته الحكومة لإعداد تشريع جديد في غاية الأهمية لأن الهدف توخى العدالة والشفافية والموضوعية في تنظيم التقاعد الخاص بالسلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية ويعالج التشوهات التي وقعت على قانون التقاعد وبما يضمن المساواة في المراكز القانونية وعدم استغلال التشريع لتمرير مكتسبات شخصية لا تراعي الصالح العام.
وهناك نقطة في غاية الأهمية أشار إليها جلالته في رسالته إلى الحكومة عندما أكد أن تعامل مجلس النواب المقبل مع التشريع الجديد سيبقى محط مساءلة للنواب الجدد من قواعدهم الانتخابية، وهي دعوة صريحة للناخبين بأن لا ينتخبوا إلا من يحترم المصلحة العامة ويعلي من شأنها.
المشكلة بدأت بعد انتخابات 1993وما تلاها من مرور أخطر مشروع قانون وهو قانون معاهدة السلام مع إسرائيل ففكرت الحكومة في "إفادة النواب" فوضع راتب تقاعد للنواب والأعيان تحت شعار "المساواة مع الوزراء" وصرفت الرواتب لمدة، واستمر الأمر إلى أن جاءت حكومة سمير الرفاعي الأولى التي صدر لها توجيه ملكي بإلغاء تلك الامتيازات، فوضعت قانونا مؤقتا بعد حل مجلس النواب ألغى تقاعد النواب والأعيان لكنه أبقى على تقاعد الوزراء .
وهي النقطة التي عاد نواب المجلس السابق للتسلل منها، حيث اشتد الخلاف بين النواب والأعيان، الأول يريد إعادة الامتيازات والثاني لا يريدها أو محرج منها، إلى أن عقدت جلسة مشتركة لمجلس الأمة أقر فيها إلغاء القانون المؤقت والعودة إلى الامتيازات، وأصبح مصير القانون منذ ستة أشهر معلقا أمام جلالة الملك إلى أن أصدر إرادته برده، فكان الخاسر الوحيد هو مجلس النواب المنحل.
لقد حذرنا دوما من إعادة بناء شبكة المصالح الذاتية النيابية الحكومية المشتركة، لأن إعادة نسجها تعني الإضرار بالمصالح الشعبية لأن مجلس النواب سيضطر إلى التغاضي عن دوره الرقابي الحقيقي من أجل تمرير مصالح أعضائه.
إن حل قضية التقاعد المدني للنواب والأعيان لن يصبح واقعا ما دام الوزراء أنفسهم يحصلون على تلك الرواتب التقاعدية مدى الحياة، لأن بقاء راتب تقاعدي للوزراء يعني الإبقاء على حجة قوية يستند إليها النواب في مطالباتهم بالتقاعد.
لكن بإمكان الحكومة ومجلس الأمة المقبل أن يفكرا بطريقة أخرى وهي متاحة اليوم، لتوفير أموال التقاعد المدني وإلغاء الاختلالات من خلال إخضاع مدة خدمة النواب والأعيان والوزراء لقانون الضمان الاجتماعي للمشتركين فيه، وإخضاع المشتركين في التقاعد المدني والعسكري للاقتطاع الشهري وبذلك تنتهي المشكلة، فمن النادر أن تجد نائبا أو عينا غير خاضع للضمان الاجتماعي أو التقاعد المدني أو العسكري، ومن لم يكن خاضعا يمكن أن نجد له حلا.
الحكومة ألغت الراتب التقاعدي عن النواب والأعيان لكنها وضعت "مسمار جحا" في القانون بأن أبقت على تقاعد الوزراء، ولو ساوت الحكومة بين النواب والأعيان والوزراء لما استمرت المطالبات النيابية، فمن ساوى بين الناس فقد عدل وهذه هي رسالة جلالة الملك إلى الحكومة.
( العرب اليوم )
