الحلف الاقتصادي العربي
تم نشره الخميس 22nd تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 01:33 صباحاً
جهاد الخازن
الأخبار الطيبة في عالمنا العربي نادرة هذه الأيام نُدْرةَ الأبلق العقوق (فتشوا عنه في كتب الأدب)، ومنها زيارة رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان مصر يرافقه حوالى 200 رجل أعمال تركي كبير للمشاركة في منتدى الأعمال المصري-التركي.
كنت كتبت غير مرة، أن الثورة في مصر لم تكتف بمحاربة الفساد الذي استشرى في سنوات النظام السابق، وإنما حاربت الاقتصاد، وعرضتُ تفاصيل عن حلف اقتصادي عربي-تركي سمعتها مباشرة من رئيس الوزراء أردوغان في إسطنبول، ومن الرئيس بشار الأسد، واللواء عمر سليمان رحمه الله، وجمال مبارك.
اليوم، أشعر بأن القيادة المصرية الجديدة تعلمت الدرس بسرعة، وهي تحاول إنهاض الاقتصاد المصري من عثاره، وإحياءُ الحلف الذي سعى إليه الأتراك خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح أرجو أن تستمر وتنجح.
قرأت ان هناك 205 شركات تركية تعمل في مصر، وحجم التبادل التجاري خمسة بلايين دولار. هذه العلاقات كادت تروح ضحية الثورة لولا أنْ غلب العقل والحكمة في النهاية، وتركيا وقفت إلى جانب مصر، فأسفرت الزيارة عن توقيع 27 اتفاقاً جديداً وفتح خط ائتماني تركي ببليون دولار ستزيد إلى بليونين.
على سبيل التذكير، الحلف الاقتصادي -كما سمعت تفاصيله من المسؤولين في تركيا وسورية ومصر- كان يهدف إلى بناء قوة اقتصادية إقليمية تزيد أضعافاً في الحجم على ما عند إسرائيل. والإسلاميون في تركيا زادوا اقتصادها مئة في المئة خلال العقد الماضي، ولعل إسلاميي مصر يزيدون اقتصاد بلدهم مئة في المئة هذا العقد.
قبل عقد من الزمن كانت الحدود بين تركيا وسورية مزروعة بالألغام، وقبل ثلاث سنوات فقط أصبحت الحدود مفتوحة للمبادلات التجارية، وقال لي الدكتور بشار الأسد إن الشركات التركية كبيرة وقوية، وإنها في البداية هددت المستثمرين المحليين، إلا أن الجانبين وجدا أرضية مشتركة للتعاون.
اللواء عمر سليمان قال لي إن هناك قراراً مصرياً بالموافقة على أي مشروع اقتصادي يقدمه الأتراك في 24 ساعة، وحدثني عن مصانع لهم في مصر لإنتاج البتروكيماويات والأسمدة والغزل والنسيج.
سورية اليوم خرجت من المعادلة، وننتظر أن تعود، فهي حلقة الوصل في الحلف الاقتصادي، والمراقب مثلنا لا يكاد يصدق كيف تغير الحال، فبعد الحدود المفتوحة، أصبح هناك توتر أمني ومواجهات وعشرات ألوف اللاجئين السوريين مع قتل يومي وتدمير.
عودة سورية ضرورية لتنفيذ فكرة الحلف الاقتصادي الأصلية. حدثني جمال مبارك غير مرة عن الربط بالكهرباء مع الأردن ثم السعودية، وقال إن هذا مقدمة لخط ثان هو الربط لنقل الغاز، وأنه إذا سار كل شيء وفق الخطة المرسومة، فالخط الثالث سيكون للنفط، ومصر تستطيع أن تُدخِل ليبيا في المشروع، وسورية علاقتها جيدة مع العراق، وقد تقنعه بالانضمام.
أدوار سورية وليبيا والعراق مؤجلة، ولكن أرجو من الأتراك والمصريين ألا يهملوا خط الغاز، فهو إذا تحقق يعني أن يصل الغاز العربي إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، فتستفيد شعوب المنطقة كلها من المشروع.
المئتان وخمس شركات، والتبادل السنوي بخمسة بلايين دولار من صنع تركيا والعهد السابق، وقد أحسن الطرفان كثيراً بإحياء هذا الجانب من الحلف بعد أن وجدتُ الحماسة الثورية تهدد النجاح الاقتصادي لمصر.
الرئيس محمد مرسي ورئيس الوزراء هشام قنديل يُشكران على إدراكهما بسرعة أهمية الاستمرار لا الهدم، كما تُشكر تركيا لإصرارها على المضي قدماً رغم خيبة الأمل الهائلة في سورية ورئيسها.
كل ما أطلب الآن، ولي معرفة مباشرة بالحلف الاقتصادي، ألاّ تهمل مصر وتركيا الربط بالغاز، بعد الكهرباء، لأنه أهم جزء في الحلف.
( الحياة اللندنية )