أميركا تغير الأنظمة
في العدد الأخير من مجلة فورين أفيرز التي يصدرها مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك بحث حول الاستراتيجية الأميركية في عصر التقشف ، كتبه رئيس المركز الاستراتيجي لتقديرات الموازنة (ارندرو كريبنوفتش).
يلاحظ هذا الباحث أن تكاليف قيام أميركا بتحمل مسؤولياتها تجاه الأمن العالمي في ازدياد ، في حين أن الموارد التي يمكن وضعها مستقبلاً تحت تصرف وزارة الدفاع الأميركية في تناقص ، مما يدعو إلى البحث عن وسائل بديلة أقل كلفة لتحقيق الأهداف الأميركية ، غير اللجوء إلى القوة العسكرية والحرب والاحتلال ، بدلالة التكاليف الباهظة للحرب على العراق وأفغانستان.
الحل الذي يقترحه الباحث الاستراتيجي لتحقيق أمن ومصالح أميركا في العالم بكلفة أقل هو سياسة تغيير النظام ، أي أن تسعى أميركا بوسائلها الدبلوماسية والإعلامية والمالية لإسقاط أي نظام حكم يعاندها أو يهدد مصالحها ولا يلتزم ببيت الطاعة.
ليس معروفاً ما إذا كانت الإدارة الأميركية ستأخذ بهذا الحل كبديل عن استخدام القوة العسكرية لفرض إرادتها حول العالم ، ولكن المؤكد أن سياسة تغيير النظام ليست جديدة بل معمول بها ، فما زلنا نذكر انقلاب الجنرال زاهدي على محمد مصدق في إيران ، وانقلاب بينوشيه على اللندي في تشيلي ، وإن كانت النتائج في بعض الحالات غير مرضية كما حدث في ليبيا مؤخراً.
هذه الأفكار والتوجهات تعزز الشكوك بأنه قد يكون لأميركا يد في تحريك الربيع العربي ، أو على الأقل في توظيفه وتوجيهه نحو تغيير النظام على أمل أن يأتي نظام جديد مطيع بشروط متفق عليها سلفاً ، أو ضعيف بحيث لا يقوى على الوقوف في وجه الضغوط الأميركية.
المناخ الملائم لسياسة تغيير النظام هو الفوضى الخلاقة ، التي كانت في عهد سابق هدفاً مقرراً لمنطقة الشرق الأوسط ، تحت ذريعة التوقف عن دعم الأنظمة الاستبدادية وتشجيع القوى الصاعدة على الحلول محلها لبناء الديمقراطية. وكنا قد سمعنا أن المقصود من إسقاط النظام العراقي هو تحويل العراق إلى دولة ديمقراطية تكون بمثابة القدوة لنشر الديمقراطية في العالم العربي!!.
هذا لا يعني بالضرورة أن أميركا لا تحاول تغيير الانظمة إلا إذا كانت غير مواليه لها ، فحتى الأنظمة الموالية قد تفقد فعاليتها وتصبح غير قادرة على القيام بالدور المطلوب كما حدث لنظام الشاه وحسني مبارك. ( الرأي )
