مبادرة ارحيل الغرايبة

الدوافع التي يتحدث عنها القيادي الاسلامي ارحيل الغرايبة لإطلاق مبادرة يقول إنها تهدف إلى ايجاد مخرج للازمة السياسية ينبغي لها ان تكون غير تلك الموجودة عند الاخرين لنفس الهدف، ومنهم بطبيعة الحال الحركة الاسلامية التي يتبوأ فيها الغرايبة موقعا قياديا متقدما. اما حقيقة التوافقات حول ما وصلت اليه الامور الداخلية، فبات يلزمها اكثر مما في المبادرة؛ إذ إن حسن الظن بالجانب الحكومي يكاد يكون معدوما، طالما لم يبادر هذا الجانب ولو مرة إلى طرح مبادرة من اي نوع او استعداد لتقديم اي تنازل طوال فترة الحراك الذي يطالب بإصلاح النظام، فما الذي يتأمله الغرايبة منه ان بادر هو او لم يبادر بشيء نحوه، الا اذا أراد تقديم مبادرته إلى جهة غيره، وفي هذه الحالة انما يخاطب مّن يمكن له ان يضغط عليه ويتوخى منه خيرا.
المدرك من جميع الذين يشكلون اطياف المعارضة ان عقدة ما يوصف بالازمة او الانسداد السياسي موجودة عند مكون السلطة والحكم، وان حلها يتأتى من هذا الجانب ان طوعا واستجابة او ضغطا عبر ما هو مشروع ومتاح؛ ما يعني ان أي مبادرة تطرح ينبغي لها ان تخدم هذا الاتجاه، ولا حاجة ابدا إلى أي مبادرة تطلب تنازلا عما حدد لإصلاح النظام، والمبادرة بهذا المعنى يفترض بها ان توجه لتوحيد الصفوف وتوسعة دائرة الحراك نحو جبهة وطنية موحدة شاملة، وهذه ارضيتها موجودة، ومنها يمكن فرض ارادة اصلاح جدية وانجاز اصلاح النظام الوطني برمته.
في ظروف وحالات سابقة جرى داخل الحركة الاسلامية خروج لقيادات منها عما هو مجمع عليه من سياسات وقرارات، وقيض لهؤلاء جراء ذلك مناصب وزراء، وهم الان مجرد افراد بلا تأثير، لا الدولة كسبتهم ولا ضروا الحركة الاسلامية بشيء، بمن فيهم من كان نائبا للمراقب العام. وان كان امر الغرايبة لا ينحدر إلى ذات المستوى، لكن قد يكون فيه ما هو اصعب بالمحصلة، فالعزف المنفرد على التباينات لن يقدم لحنا مسموعا امام هدير سمفونية العزف الجماعي، فيذهب الاول ادراج الرياح ويثبت الثاني حكما، خصوصا ان اللعب على المبادرة واظهارها كخلاف داخلي بدأ منذ اول لحظة لتستغل في المواجهة القائمة مع الحركة، واكثر من يدرك ذلك الغرايبة نفسه.