مما يختلف عليه اثنان

(1)
يقال إن التكرار يعلم الحمار، وهذا خطأ شائع، فالحمار يتعلم من مرة واحدة، ولا يحتاج الى أي تكرار، وذلك طبعاً في الأمور التي تتعلق بـ"الحَمْرَنة".
لا تجوز محاسبة الحمير خارج شؤون "الحمْرنة" المتعارف عليها، وفي شؤون "الحمرنة" لا يحتاج الحمار إلا الى تجربة واحدة، فأنت تقتاده الى موقع جديد، وتتركه هناك، وهو سيتكفل بمعرفة طريق العودة. وذلك سواء كان هذا "المشوار" لمصلحته أو لمصلحتك.
"حميرياً، يمكن القبول بصيغة معدلة للمثل المشار اليه في البداية ليصبح: "حتى الحمار لا يحتاج للتكرار"، فهذه الصيغة تنطوي على قدر من الانصاف، وبغير ذلك نظلم الحمير إذ نخضعها لتطبيقات من عالم البشر كي نثبت ادعاءاتنا.
(2)
صب الناس غضبهم حيناً، وتهكمهم حيناً آخر، على جرة الغاز، مع أن المشكلة تكمن فقط في الغاز الذي في الجرة، فهو وحده الذي ارتفع سعره، أما الجرة فقد حافظت على استعدادها لكي تحوي داخلها أي غاز بغض النظر عن سعره. إن الجرة ذاتها التي تحمل الآن الغاز بسعر عشرة دنانير، هي ذاتها التي حملت الغاز أيام كان سعره أقل من دينارين.
تعتبر جرة الغاز سلعة "درويشة"، أو لنقل سلعة "بحالها"، فهي تنتقل بين شتى البيوت من دون أن تسأل عن الغاز الذي فيها، ولا يستطيع أي شخص أن يقول إن هذه الجرة بالذات لي، إلا إذا احتفظ بها فارغة في منزله، وحينها تكون قد فقدت قيمتها، لأن الجرة بلا غاز مثل الأعرج بلا عكاز .
( العرب اليوم )