الملك: الإصلاح بأيدي الناخبين ونعمل بكل الطاقات لوقف إراقة الدم السوري

تم نشره الأربعاء 05 كانون الأوّل / ديسمبر 2012 11:24 صباحاً
الملك: الإصلاح بأيدي الناخبين ونعمل بكل الطاقات لوقف إراقة الدم السوري

المدينة نيوز - قال جلالة الملك عبدالله الثاني إن مستقبل الإصلاح في الأردن هو بأيدي الناخبين وأصواتهم التي سيدلون بها في الانتخابات النيابية القادمة في الثالث والعشرين من كانون الثاني المقبل، "فهم سيحددون شكل البرلمان والحكومة القادمين"، مؤكدا أنه "لا يوجد مرحلة نهائية سيتوقف معها سعينا إلى الإصلاح الذي هو عملية مفتوحة للتطوير والتحسين المستمرين تلبية لطموح الشعب".

وأكد جلالته، في مقابلة نشرتها صحيفتا الرأي والجوردن تايمز الأربعاء، أن الحكومات البرلمانية أولوية، وأن الانتخابات محطة في هذا الاتجاه وإجراءها في موعدها "يجب أن ينظر له كوسيلة وليس غاية بحد ذاتها"، مشددا جلالته على أن "الإصلاح يعني أن يقول الشعب كلمته في الحكومات، وهذا يتم من خلال ممثليه في نظامنا السياسي".

واعتبر جلالته في المقابلة أن "الوصول إلى الحكومات البرلمانية في ظل المرحلة الانتقالية التي نمر بها يتطلب جهودا على مرحلتين: مرحلة الانتخابات بحيث يتم التأسيس لنهج الكتل السياسية التي تتنافس على الانتخابات منذ مرحلة الترشح، ومرحلة ما بعد الانتخابات المتمثلة بنهج التكتلات النيابية، ونهج التشاور مع مجلس النواب لاختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة".

ولفت جلالته الى أنه سيعمل في المرحلة الحالية، أي مرحلة الترشح للانتخاب، "لحث الراغبين بخوض الانتخابات على تشكيل كتل سياسية تتكون من قوائم وطنية ومرشحين على مستوى المحافظات، أي الدوائر الانتخابية المحلية. ونتمنى أن تشكل هذه الكتل السياسية توجهات تعكس اليسار واليمين والوسط، وأن تُبنى على أسس برامجية لمعالجة التحديات التي تواجه الأردن. وبالنسبة للقوائم الوطنية تحديداً، ومن خلال ما ألمسه من تواصلي الدائم مع مختلف القطاعات والقوى، فإن تشكيلة القوائم الوطنية يجب أن تكون مُمَثِّلة لكل مناطق المملكة. وهناك جزئية أود توضيحها بهذا الخصوص، وهي من بين الأفكار التي أثيرت خلال الكثير من لقاءاتي التواصلية والسياسية مؤخراً. فهناك تساؤلات حول آلية تشكيل القوائم، خاصة وأنها ممارسة جديدة، وكيفية التوافق على ترتيب الأسماء، خاصة وأن الأسماء الأولى في القائمة ستكون ذات نصيب أعلى بالفوز في النيابة. فالمرشحون على القوائم الوطنية يمكنهم ترتيب أدوارهم، بحيث ترد الأسماء المتوقع نجاحها في أعلى القوائم، أما الأسماء الأخرى، فتكون في حال عدم نجاحها معبرة عن الشخصيات التي تلجأ القوائم إلى اقتراحها لتمثيلها في الحكومات".

وأكد جلالته أن تحقيق الرؤية المستقبلية للحكومات البرلمانية في نهاية المطاف يعتمد على مدى نضوج الحياة الحزبية بتعدديتها، "بحيث نصل إلى مرحلة يبرز فيها ائتلاف برلماني يتمتع بالأغلبية تنبثق عنه الحكومة، ويقابله ائتلاف برلماني معارض يتصدّى لممارسة الدور الرقابي، ضمن مفهوم (حكومة الظل) كما في الديموقراطيات البرلمانية المتقدمة، وتتنافس الائتلافات المبنية على أساس حزبي على تداول الحكومات من خلال صناديق الاقتراع".

وأشار جلالته إلى أن رؤيته المرتبطة بالحكومات البرلمانية، والدورة البرلمانية القادمة بشكل خاص تستند إلى وجود تكتلات وتجمعات برلمانية داخل المجلس تقوم على برامج تعالج القضايا والتحديات التي تواجه المواطنين، وقادرة على التوافق على رئيس للوزراء وحكومة لتنفيذ هذه البرامج.

وقال جلالته إن "هذا موضوع ليس بالسهل، ويُتَوَقَّع مني القيام بدور توفيقي أشجّع فيه النواب على التجمع في كتل إلى أن تنضج الحياة الحزبية، وسأحثهم على التجمع برلمانيا ضمن كتل لأن هذا جزء من مسؤولياتهم الوطنية في هذه المرحلة، ونعوّل كثيراً بالطبع على دور القائمة الوطنية في هذا المجال".

وحث جلالته في هذا السياق جميع "أبناء وبنات الوطن وسائر القوى السياسية والأحزاب على المشاركة وتشكيل الكتل السياسية، والاستناد إلى قوائم وطنية تطرح مرشحيها على أسس برامجية، وتخوض الانتخابات بما يحقق مصلحة الأردن العليا في هذا الظرف الدقيق من مسيرة وطننا العزيز".

وفي إطار متصل، قال جلالته إنه ومع استقرار ونضوج تجربة الحكومات البرلمانية وتطور الحياة الحزبية على أساس برامجي ونهج ديموقراطي، سيكون هناك حافز للأحزاب لتتجمع ضمن يمين ويسار ووسط بشكل أكثر وضوحاً وبعدد أقل، وبالتالي الانتقال من مفهوم الكتل البرلمانية إلى حالة أحزاب مُمَثَّلة في البرلمان، مؤكدا جلالته أن هذا الأمر "سيزيد من استقرار الحكومات التي يُؤَمَّل أن تصل إلى مرحلة تصبح فيها حكومات حزبية بامتياز".

وشدد جلالته في المقابلة على أن الجهة الوحيدة القادرة على تحديد شكل مجلس النواب القادم وضمان نوعيته والحكومة القادمة هم الناخبون، وقال "أريد أن أؤكد هنا أنه لا وصاية لأحد على الناخب وإرادته الحرة".

وأكد جلالة الملك أن "هناك مسؤولية وطنية ملحّة ستواجه المجلس النيابي القادم فور إعلان نتائج الانتخابات القادمة، وهي المسارعة إلى تطوير نظامه الداخلي لتعزيز الأسس والممارسات الضرورية لتشكيل حكومات برلمانية، بحيث يتم بلورة أسس لتشكيل الكتل وقواعد للانضمام إليها والانسحاب منها، وآليات داخلية لاتخاذ القرار وإنشاء مراكز بحثية لإعداد الدراسات التي تمكن الكتل من مناقشة وتحليل وتقييم السياسات وتطوير بدائل لها تعبر عن توجهات الكتل، بالإضافة إلى تقييم مشاريع القوانين ومناقشتها وتعزيز قدرات وأدوات الكتل النيابية في الرقابة على الحكومات. هذه أولوية وطنية، ومن الضروري أن نراها حاضرة في برامج المرشحين، وأن يُسائل المواطنون مجلس النواب القادم لضمان إنجاز هذا المتطلب الضروري لترسيخ نهج الحكومات البرلمانية".

وقال جلالته فيما يخص المعارضة "إن القاسم المشترك بين جميع أشكال المعارضة الأردنية هو أنها كانت على الدوام وستبقى جزءاً أساسيا من النظام، الذي يتكون من الجميع: الأفراد والمجتمع بجميع مكوناته"، موضحا أن رؤيته بالنسبة للمعارضة تستند إلى ضرورة أن يتمأسس دورها من خلال الوصول إلى البرلمان، وأن "تحتكم دائماً إلى صناديق الاقتراع التي تحدد من يصل إلى مجلس النواب".

وشدد جلالة الملك في المقابلة على أن "كل من يريد التغيير عليه المبادرة للمشاركة في الانتخابات، فليس هناك بديل عنها، وعلى مختلف القوى السياسية والاجتماعية أن تدرك أن تحقيق الإجماع الوطني الممكن هو غايتي الأولى، ومن خلال القنوات الدستورية".

وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي، قال جلالة الملك "أعلم أن الهم الأكبر للمواطن هو في تأمين احتياجات أسرته وتوفير الأساسيات، وأنا باستمرار أفكر بهموم جميع الأردنيين، فما يقلقهم يقلقني".

وأضاف جلالته "المواطن الأردني دوماً ضحّى وعلى مدى عقود من أجل بناء الدولة الأردنية الحديثة، وتحمَّل بكل صبر وكبرياء ووعي ومسؤولية الأعباء الناجمة عن تحديات كل مرحلة، وذلك انطلاقاً من إيمانه بوطنه وحبه له في كل المراحل وتحت مختلف الظروف. وأنا على قناعة تامّة بأن الأردن، شعباً وقيادة، مستمر في جهود البناء والتنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين".

وأكد جلالته في المقابلة أن الوضع الاقتصادي الذي يمر به الأردن يتطلب من الجميع إدارة موارد الدولة بمنتهى الشفافية والمسؤولية حتى "يطمئن المواطن إلى أن صبره على الظروف الصعبة والتحديات سيترجم بمسؤولية أكبر من قبل الدولة في التصرف بحصافة في المال العام"، مشيرا جلالته إلى أنه وترجمة لهذا الحرص سيتم إطلاق منظومة للنزاهة الوطنية وإيجاد ميثاق ملزم للجميع "يكرس النزاهة قولا وعملا في العمل العام".

وأعرب جلالته عن تفاؤله بالمستقبل على الرغم من الظروف الصعبة، وقال "سنتجاوز الأزمة بإذن الله، والطريق واضح: ضبط الإنفاق الحكومي، ومعالجة أزمة المالية العامّة، وترشيد الاستهلاك بشكل عام وفي قطاع الطاقة بشكل خاص، واعتماد مبدأ إيصال الدعم لمستحقيه، وتعزيز جهود مكافحة الفساد والمساءلة والمحاسبة، ووقف ومنع أي هدر للمال العام".

وحول الموقف الأردني من الأوضاع في سوريا، بين جلالته أنه مبني على عدد من العناصر تتمثل في العمل بكل الطاقات "لوقف إراقة الدم السوري، والتحرك على الصعيدين الدولي والعربي من أجل الوصول إلى حل يعيد الأمن والاستقرار إلى سوريا، ويضمن وحدة أراضيها وشعبها، وينهي العنف الدائر، ويضمن عملية انتقال سياسي يطمئن لها الجميع ويكونون شركاء فيها".

وأكد جلالته أن الفشل في الوصول إلى حل سياسي وتأخره قد يقود إلى تعقيدات أكثر على الأرض، "وسيكون هناك تداعيات كارثية"، مشيرا إلى ان هذا هو أساس الدعوة الأردنية لجميع الأطراف في سوريا لوضع مصلحة سوريا ووحدتها أولاً وقبل كل شيء.

وشدد جلالته في هذا الصدد على أن "الأردن لن يكون طرفا في أي تدخل عسكري، فهذا يتناقض مع مواقفنا ومبادئنا ومصالحنا الوطنية العليا".

وفي موازاة ذلك، أكد جلالة الملك أن أمن الأردن هو الأولوية الأولى، وأن "حياة مواطنينا وأمانهم واجبنا الأول، ونعمة الأمن والأمان لم تأت بالصدفة ولا هدية من أحد، بل هي من بعد توفيق الله، نتيجة التخطيط الجيد واليقظة، وعقيدة أمنية لا تهادن في مصلحة الوطن".

وأضاف جلالته أنه "من هذا المنطلق فإن الدولة المسؤولة هي التي تعد للسيناريو الأسوأ، ونحن لم نتوقف عن الإعداد والتخطيط من أجل أمان مواطنينا. وإذا ما وُضع الأردن في مواجهة خطر محدق، فإننا سنبذل ما في وسعنا لحماية وطننا، وهذا واجبنا الذي لن نحيد عنه".

أمّا فيما يخص العلاقات الأردنية مع الأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أكد جلالة الملك أنها ستبقى على الدوام علاقة تاريخية وإستراتيجية وتكاملية "نحرص كل الحرص على الاستمرار في تطويرها بما يخدم مصالحنا المشتركة. والأردن، قيادة وشعبا، يقدر على الدوام المواقف المشرفة لدول الخليج العربي، خصوصا دعمهم الموصول له تحت مختلف الظروف".

وتحدث جلالته في المقابلة عن التطورات المرتبطة بالقضية الفلسطينية، حيث جدد مباركته للشعب الفلسطيني الشقيق على الإنجاز الذي جاء "نتيجة كفاح هذا الشعب وصموده، ونتيجة مساعي السلطة الوطنية الفلسطينية، بقيادة الرئيس محمود عبّاس، والذي نجح بتأييد دولي تاريخي في انتزاع فلسطين مكانة دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة".

وقال جلالته إن هذا "الإنجاز هو شهادة من العالم على عدالة القضية الفلسطينية، وفداحة الظلم التاريخي الذي لحق بالفلسطينيين، وهو أيضاً رسالة تأييد دولية للنهج الرافض للعنف والحريص على إحلال السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط وفق حل الدولتين".

وأشار جلالته في هذا الإطار إلى أن الأردن يحرص، كما هو الحال دائما، على توظيف هذا الإنجاز الفلسطيني في دبلوماسيته الساعية لتركيز الاهتمام الدولي والإقليمي على القضية الفلسطينية وعدالتها.

وقال جلالته "سنبني على هذا الإنجاز وسنحرص على تدعيمه بمبادرة السلام العربية لإعادة الزخم لعملية السلام، وحث الفلسطينيين والإسرائيليين على الشروع في مفاوضات الوضع النهائي، وصولاً إلى حلول تاريخية وشجاعة".

ولفت جلالته إلى أن ما شهده قطاع غزة من تصعيد عسكري وعدوان إسرائيلي يظهر الحاجة الفعلية إلى تسريع وتكثيف العمل من قبل جميع الأطراف المعنية لتنشيط وإحياء جهود السلام وصولا إلى تسوية عادلة وشاملة، داعيا إلى استباق التسريع الممنهج للاستيطان الإسرائيلي ومحاولات فرض واقع جديد على الأرض يستنفذ حل الدولتين.

"بترا"

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات