نحتاج الى وصفات من صيدلية اخرى

تم نشره الجمعة 07 كانون الأوّل / ديسمبر 2012 01:44 صباحاً
نحتاج الى وصفات من صيدلية اخرى
حسين الرواشدة

لست خبيرا في علم النفس ، لكن لدي انطباع ( لا ادري اذا كان القراء الاعزاء يشاركونني فيه ) بأن ثمة سمة عامة ميزت سلوكياتنا في الشهور الماضية وهي الانفعال بما يترتب عليه من اندفاع وردود افعال متسرعة وعصبية وميول الى العنف ومن توتر وقلق وقلة صبر واحباط ، ومع ان الانفعال قد يبدو طبيعيا كجزء من سلوك الفرد ( البكاء والضحك والحب... هي انفعالات ايضا) الا ان امتداده الى المجتمع كظاهرة ، وتحوله الى سلوك سلبي عام ، يجعلنا نقف حائرين ( هل نحن حائرون فعلا؟) امام ما يفاجئنا به من اضطرابات واحداث ( زلازل ان شئت )على اكثر من صعيد.

ثمة من يرى ان البرد في الشتاء مثل الحر في الصيف يزيد من الازمات النفسية ، ويساعد في زيادة التوتر والانفعال ، وثمة من يرى ان مزاج الناس يتغير تبعا لعوامل بيئية ونفسية وان الاضطرابات الانفعالية والاجتماعية ترتبط بما يتعرض له المجتمع من انسدادات وما يواجهه من ضغوطات ، وانها بالتالي تفسير لحالة من فقدان السيطرة والاتزان ، وهي تعبر عن نفسها من خلال النشاط الزائد او السلوك العدواني او عدم التكيف الاجتماعي او ربما بالانسحاب من المشاركة.. وفي كل الاحوال فانها تشير الى وجود مشكلة اجتماعية ، متعددة الاسباب والاشكال وغير محددة النتائج.

سمة الانفعال ، لا تقتصر على سلوكيات الناس فقط ، وانما امتدت الى تصريحات المسؤولين ، والى الاجراءات والمقررات والتشريعات ايضا ، على صعيد الناس ثمة سلسلة لا تحصى من المشاهدات التي ازعجتنا: احداث عنف ، ومشاجرات دامية ، وحالات انتحار وقتل ، وسجالات عنيفة تأججت بين النخب ، ومزاج شعبي متقلب ، وهيجان وفوضى في الاسواق ، وازدحام في الشوارع والطرقات ، وفي كل هذه المشاهدات كان الانفعال حاضرا ، والتوتر موجودا ، والشعور بالضيق والاختناق والردود الغاضبة والمتسرعة سمة عامة للجميع.

على صعيد الاداء الرسمي ، كان ثمة روح انفعالية واضحة في التصريحات والاجراءات ، وكان اداء بعض المسؤولين مرتبكا ومتوترا ، لا نريد ان نضرب الامثلة لأسباب يعرفها القارىء الكريم ، ولكن ارجو ان نتابع - او نتذكر - ما يصلنا من ردود رسمية حول قضايا كثيرة تشغلنا هذه الايام ، وارجو ان ندقق في استخدام العبارات ، الفاظا ومضامين ، لندرك حقيقة ما اشرت اليه ، وانا لا ادين هنا او اتهم ، وانما احاول ان افهم ما يجري ، وقد قلت انه سمة عامة ، عنوانها الانفعال وانه يندرج على الجميع ، مسؤولين وغير مسؤولين.

قلت انني لست خبيرا في التحليل النفسي ، لكن لا بد ان وراء هذه الحالات الانفعالية اسباب وجيهة ، فموسم البرد قد يكون سببا هل نعلق مشكلاتنا دائما على الطبيعة وما طرأ على حياتنا من متغيرات(الضائقة الاقتصادية ومشاهد القتل من حولنا مثلا) وعلى قيمنا من اصابات قد يكون سببا اخر ومع ذلك فان لدى علمائنا الاجتماعيين والنفسيين اسبابا اخرى ، وقد نجتهد معهم في تحديدها: خذ مثلا ما يتعلق بالضغوطات المعيشية ، او ما يتصل بالانسدادات السياسية ، او ما جرى على صعيد الاسرة والتربية والتعليم ، او ما انتهت اليه حالة التدين المغشوش من افرازات لم تنجح مؤسساتنا الدينية في تنقيتها ، وما اصاب المواطن من احباط ويأس... الى غير ذلك من الاسباب التي دفعت مجتمعنا الى هذه الحالة.

للأسف ما تزال هذه التشخيصات بما تحمله من اسئلة، غامضة ومهملة ومعلقة ايضا بلا اجابات ، وما يزال مجتمعنا - للاسف - معكر المزاج.. وما نزال نطرح سؤال العمل.

فمن يتطوع للاجابة عليه بشجاعة وصراحة.. ومن يستطيع ان يصرف لمجتمعنا ما يحتاجه من وصفات..ومقررات. بشرط ان تكون من صيدلية اخرى غير التي جربناها فيما مضى...من؟. ( الدستور )

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات