الحرب الخفية
تؤمن اسرائيل بأن سلاح المياه والغذاء هو أشد أنواع الاسلحة فتكا ، فهي تسعى منذ وقت طويل لامتلاك ناصية هذا السلاح والسيطرة عليه ، والتحكم فيه ، فلقد رأت أن امتلاك منابع المياه ومجاريها، وامتلاك ناصية السلع الغذائية وتصنيعها ، التي هي منتجات القطاع الزراعي والصناعي ، يتقدم في تأثيره على كل الاسلحة التقليدية والحديثة ، ويتفوق على الجيوش والصواريخ والقذائف ؛ اذ له تأثير بالغ الخطورة على صحة الانسان وقدراته التفكيرية والانجابية ، والقدرة على العمل والنشاط، بل وعلى حياة الانسان بكاملها ، فهي تخطط منذ زمن بعيد لاختراق مجالات الزراعة العربية بكل مكوناتها ، واستخدمت وتستخدم بعض الدول العربية كمختبرات تجارب زراعية ؛ فتقوم بتجريب اصناف المخصبات والمبيدات والتقاوى المعدلة وراثيا، وتصدرها لهم بطرق شرعية وملتوية ، لتختبر جودتها ومدى صلاحيتها ،وتأثيرها على الانسان والتربة ، ومما لاشك فيه ان تلك المنتجات لها اضرار جسيمة ، فهي شديدة الخطورة على الانسان والحيوان ،وتلويث المياه على المديين القصير والطويل ، وتسبب امراضا كثيرة كالسرطان والعقم والقلب وغيرها ، ناهيك عن امتلاك والتحكم في سلاح مصادر المياه ومنابعها وتاثيره القاتل على الحياة.
لقد اعلنت اسرائيل الحرب الزراعية والمائية الخفية على الدول العربية ،وبخاصة مصر والاردن ، باستخدامها اساليب خبيثة في التهريب والسيطرة على المياه والزراعة ،واستغلت علاقاتها بالمنظمات اليهودية العالمية التي تتمركز في الولايات المتحدة الامريكية .
ان الكيان الصهيوني يخطط منذ زمن بعيد؛ للسيطرة خلال السنوات القادمة على الاراضي والمياه ، ويحتكر انتاج التقاوى والمبيدات ، ويتحكم في الزراعة العربية ،وبالتالي التحكم في الانسان العربي ، في قوته مأكله ومشربه وملبسه ،دون حروب بل باستخدام طرق حديثة لاختراق القطاع الزراعي العربي بكل مكوناته ، الارض وتربتها والنباتات ونموها والمياه ومصادرها، ان اسرائيل اليوم تستخدم عدة وسائل لادخال التقاوى والمخصبات والمبيدات والمنتج الزراعي النهائي المخصص لاستهلاك الانسان ،وهي قادرة على الاختراق بكفاءة عالية ؛ حيث يصعب مراقبتها او السيطرة عليها لانها تستخدم مداخل الدول وموانأها وشواطأها ومطاراتها، وتبث جواسيسها ومتعاونيها ، وتقوم بتهريب تلك المنتجات بطريقة شرعية عن طريق وسيط ثالث ؛فلا يكتب اسم اسرائيل على المنتج . وبما ان اسرائيل تمتاز بتقنية عالية في انتاج التقاوى المتنوعة ،وتستخدم الجينات الوراثية للحصول على أعلى انتاجية للدونم الواحد على مستوى العالم ؛فهي قادرة على الاختراق لأنها تمتلك أعلى تقنية زراعية في العالم ؛ بل ان دولا صناعية كألمانيا مثلا ، تستورد منها بعض الجينات التي تستخدم في رفع كفاءة المحاصيل ،مثل المحاصيل المتعلقة باختصار فترة النمو وتسريعه ، أو زيادة الانتاج وتقويته ،او الزراعة بلا ضوء او حرارة ، او المقاومة للفيروسات .
ان اسرائيل اليوم، تستغل ضعف الرقابة في الدول العربية ،وعدم وجود بدائل في أصناف كثيرة من المبيدات والتقاوى في هذه الدول ، وفقرها الزراعي ؛ مما يساعدها على الاختراقات السهلة ،ومن الغريب ان اسرائيل تنتج مثلا تقاوى القطن وتقوم بتصديرها على الرغم من أن زراعة القطن تكاد تكون معدومة لديها.
كما انها تستغل ظروف الثورات العربية في بعض الدول، وما يسمى بالربيع العربي فاخذت تكثف نشاطها الاختراقي لنشر تلك المنتجات وتهريبها .
فهل تتنبه الدول العربية الغارقة في مشاكلها وثوراتها ودورانها حول نفسها ، لهذه الحرب الشرسة التي تحدث في الظلام ، لكي لا تحدث المفاجأة العظمى والطامة الكبرى، وتجد اسرائيل تحاصرها من كل الجوانب الخارجية والداخلية ، وبدون حروب عسكرية ، بل باستخدام طرق حديثة كحرب المياه والزراعية الخفية للسيطرة والتحكم في اقواتها ومياهها!!!