سيكون رئيساً أفضل

صباح السادس من هذا الشهر قال ميت رومني لزوجته آن: مساء اليوم ستنامين مع رئيس الولايات المتحدة. انتهى النهار بخسارة رومني انتخابات الرئاسة وجلس إلى مائدة العشاء مع زوجته وهي سألته: بالنسبة إلى موضوع النوم مع الرئيس هل أذهب إليه في البيت الأبيض أو يأتي إليّ هنا؟
أما وقد انتهت الانتخابات الأميركية كما أردتُ بفوز باراك أوباما فلا يبقى لي سوى السخرية منها محاولاً انتزاع بسمة من القارئ. الأميركي ينتخب عندما يبلغ الثامنة عشرة، وولايات كثيرة تمنع شرب الخمر قبل بلوغ الحادية والعشرين، مع أنه يُفترض أن يكون الإنسان القادر على التصويت قادراً على السكر أيضاً، لأن بعض خيارات الناخبين الأميركيين لا يبررها أو يفسرها سوى أن الناخب كان تحت تأثير الخمر... أو المخدرات.
الستينات من القرن الماضي شهدت ثورة الجنس والمخدرات في الولايات المتحدة وحذر الأطباء جيل "الروك" و "الهيبيز" من أن تعاطي المخدرات سيؤدي إلى ولادة أولاد معاقين. وقد أصبح جيل المعاقين يَنتخِب ويُنتخَب في أميركا ما يُثبت أن التحذيرات الطبية كانت صحيحة.
الاحتمال الآخر هو أن اختيارات الناخبين الأميركيين من بين المرشحين تثبت صحة التحذيرات الطبية الأخرى من تأثير تلوث البيئة في نمو العقل البشري.
قتلتُ الانتخابات الأميركية بحثاً، ولم يبقَ لي سوى السخرية منها، وأكثر المادة في مقال اليوم مترجم مع إدخالي تعديلات على بعض النصوص لتعكس رأيي في انتخاباتهم.
قرأت أن فرقة موسيقية كانت تعزف في حفلة استقبال ديبلوماسية في واشنطن، ونظر رجل مخمور حوله وقال: أيتها الحسناء في الفستان الأحمر هل تقبلين أن نرقص معاً التانغو على أنغام الفرقة؟ كان الرد: أولاً، أنت سكران. وثانياً، هذا ليس تانغو بل النشيد الوطني البرازيلي، وثالثاً، أنا لست حسناء في ثوب أحمر بل السفير البابوي.
ثمة قضايا كثيرة في انتخابات الرئاسة الأميركية، وبين أهمها الهجرة غير الشرعية التي تهدد التركيبة الإثنية للبلاد. وقرأت أن أصل المشكلة يعود إلى الهنود الحمر، فلو كانت عندهم قوانين هجرة صارمة لما وصل الرجل الأبيض إلى أميركا ليخربها، ويخرب بقية العالم معها.
الرئيس الآن أميركي أسود فلعله يصلح ما خرب أسلافه البيض، مع أنه يواجه صعوبات كثيرة، وهو متهم بأنه ليس أميركياً أصلياً، وربما كان السبب أنه نحيل.
الرجل الأبيض وصل إلى أميركا في غفلة من أصحابها الهنود الحمر، وعندما كانت الولايات المتحدة الحالية مستعمرة بريطانية تضم أربعة ملايين نسمة أنجبت جورج واشنطن وتوماس جفرسون وتوماس باين وبنجامين فرانكلن، والآن تضم الولايات المتحدة 300 مليون نسمة، عاصرنا منهم رونالد ريغان وجورج بوش الابن وديك تشيني ودونالد رمسفيلد.
لن أسأل هل السبب الخمر أو المخدرات لأنني لا أعرف الجواب، وإنما أرى النتائج. وكان الكوميدي المشهور ريتشارد برايور زار البيت الأبيض في رئاسة ريغان، وخرج ليقول كلاماً حُفِظَ له: ذهبت إلى البيت الأبيض. قابلت الرئيس. عندنا مشكلة.
هناك مرشح اقتحم قاعة التحرير في جريدة كبرى، وشتم المحررين وقد تملكه الغضب، وقال أنهم ينشرون أكاذيب عنه. وقال له رئيس التحرير: روِّق دمَّك. ماذا ستفعل إذا نشرنا الحقيقة عنك؟ (كنت قلت لبعض أدعياء الصحافة العرب ألا ينشروا الأكاذيب عني وعن زملائي، ففينا ألف علَّة وما عليهم سوى أن يبحثوا عنها).
مرشح آخر ألقى خطاباً سرد فيه صفاته الحميدة وقدراته الهائلة وثقافته الواسعة ما أزعج المستمعين. ثم سأل: هل هناك سؤال؟ وقال مستمع: نعم. هل يوجد مرشح آخر في هذه الدائرة؟
قرأت أن السياسي مثل مدرب فريق كرة القدم، فهو يجب أن يكون ذكياً ليفهم اللعبة، وأن يكون غبياً ليعتقد أنها مهمة.
سررتُ أن فاز باراك أوباما بالرئاسة، ليس لأنه جيد بل لأنه أجود من ميت رومني. والوضع ليس سيئاً كله، فأفضل عمل في الولايات المتحدة هو وظيفة نائب الرئيس، لأن كل ما يفعل هو أن يستيقظ في الصباح ويقرأ الجرائد فإذا لم يقرأ أن الرئيس مات يعود إلى النوم.
طلبتُ فوز أوباما وتوقعت فوزه وأقنعت نفسي بأنه سيكون رئيساً أفضل في ولايته الثانية، غير أن معلقين كثيرين، عرباً وغير عرب، كتبوا أنه لن يغيّر شيئاً في الشرق الأوسط أو يتغير، والسنوات الأربع القادمة ستظهر مَنْ أخطأ ومَنْ أصاب، مع تقديري أنني مسحت البسمة عن وجه القارئ بعودتي إلى الجد.
( الحياة اللندنية )