فوق الدويلة وتحت الإحتلال
كما جرت العادة ، سيهدأ الطبل والزمر ويعود العقل إلى الرأس ، وسوف يصحو أصحاب النشوة المصطعنة والمفتعلة من غفلة أحلامهم وأوهامهم ، وسيجدون أن سيف الإحتلال الصهيوني لا يزال على الرقاب وجاثم فوق الصدور ، أما دغدغة العواطف بالقول بأن فلسطين بعد التصويت الذي جرى في الأمم المتحدة قد أصبحت " دولة " تحت الإحتلال فهذا قول سطحي ومردود على أصحابه ، وعلى كل الذين يؤيدونه ويروجون له ، لأننا وبكل بساطة نعرف جيدا ما كانت عليه فلسطين وقضيتها وشعبها قبل التصويت وندرك أن كل هذا المشهد المسرحي الذي يحاول أن يلعبه هذا النفر لن يقدم أية إضافة ولن يغير في واقع الحال السائد شيئا .
يقول الدكتور أنيس القاسم وهو الخبير بالقانون الدولي ، أن "عملية التصويت بحد ذاتها ليست إلا تصويتا جديدا على تقسيم ثاني جديد لفلسطين بعد التصويت الأول الذي حصل لها في نفس اليوم والشهر من عام 1947 " ، وعليه فنحن إذا أمام تراجع جديد وتنازل وتخل عن المزيد من أراضي فلسطين التاريخية ، والتاريخ لن يرحم كل أولئك الذين ساروا في درب هذه المهزلة من الرئيس " أبو مازن " إلى بقية أعضاء فريقه الذي التف من حوله ، ولن تنطلي على شعبنا كل هذه البهارات ومساحيق التجميل التي يحاولون رشها ووضعها على فعلتهم التي لا بد أن ينكشف زيفها وبطلانها قريبا .
أما كتاب الأقلام المأجورة من الذين فقد أصحابها ضميرهم وإنتماءهم الوطني ، والذين أصاب أقلامهم حالة من الإسهال الشديد وهم يتسابقون على محاولة الترويج والردح الفارغ لهذا التصويت الذي يحاولون تقديمه على أنه الإنجاز التاريخي الذي ما كان له أن يكون لولا دبلوماسية الرئيس وحنكته وخبرته ، فلكل هؤلاء نقول بأن كل أقلامكم ومديحكم المقبوض ثمنه سلفا ليست في نظر شعبنا سوى كسقط المتاع وغثاء السيل ، وأن ردحكم قد بات مكشوفا وبضاعة كلامكم فاسدة ولن تلقي أذان واحدة تصغي إليها .
إن شعبنا يا سادة يعلم ويدرك جيدا أنه لا يزال واقع تحت الإحتلال قبل التصويت وبعده ، لأنه يكتوي يوميا بنار هذا المحتل المجرم والقاتل وعلى العكس تماما من " قيادته " التي لم يعد لها من شغل شاغل سوى إرضاء هذا المحتل ، والإرتماء أكثر فأكثر في أحضانه وتحت بساطير أقدامه ، ولذلك نراها تقوم في كل مناسبة بالتأكيد المستمر و المتواصل على رغباتها وأمنياتها في التمسك بالسلام والعيش المشترك إلى جانب هذا العدو .
إن شعبنا يا سادة ، يعلم ويدرك أيضا أنه سيظل ويبقى فوق كل مشاريع هذه " الدويلة " المشبوهة التي منحتكم إياها الأمم المتحدة عبر بوابة الشرعية الدولية الكاذبة ، والمنحازة ، لذلك فهو لن يعترف بها ولن يعيرها أدنى إهتمام لأنها هي ذات الشرعية الظالمة التي أقرت وقدمت كل الغطاء والدعم اللازم لجريمة الإغتصاب والسرقة التي نفذها الصهاينة ، وعليه ، فإننا ونحن نرفض دويلتها نطالبها إذا كانت تريد فعلا ممارسة مسؤوليتها بأن تقوم بإعادة سحب الغطاء عن هذا الكيان المصطنع ومطالبته بأن يرحل اليوم وليس غدا عن أرضنا ، وأن يعيد ما قام بسرقته لأصحابه الفعليين والشرعيين ، إن حرية شعبنا وخلاصه الوطني من الإحتلال هما المطلب الأساسي الأول والأخير الذي لن نتراجع ولن نحيد عنه .
أما أولئك المراهنين على المحكمة الدولية وعلى باقي مؤسسات الأمم المتحدة والإنضمام لها فإننا نزف لهم أحدث الأقوال الطازجة والتي نطق وصرح بها بطل العبور الفلسطيني " أبو مازن " والتي يؤكد فيها على أن سلطته لا تريد ولا تفكر مطلقا ولن تسعى إلى نزع الشرعية عن الكيان الصهيوني ، وأنها لن تفكر الآن في الذهاب للمحكمة الدولية إلا عندما يتم الإعتداء عليها وعلى الشعب الفلسطيني وممتلكاته ، و في ذلك تبرئة جديدة مجانية يقدمها الرئيس لكل جرائم وإعتداءات هذا العدو السابقة ومنذ النكبة وحتى الآن ، وهذا يعني كذلك أن الرئيس لن يجعلكم تفرحون برؤيته هو وسلطته في أروقة هذه المحكمة التي تعولون عليها .
ختاما ، فليذهب " أبو مازن " وفريقه وكل من يسبح خلفهم إلى حيث يشاءون وليجوبوا أصقاع الدنيا ، وليتوسلوا كل هيئات ومنظمات هذا العالم ، ولكن عليهم أن يعلموا بأن لا شيء ينتظرهم سوى الخيبة والفشل ومضيعة المزيد من الوقت ، فلن يتغير الحال ، ولن يتراجع العدو الصهيوني شبرا عن الجرائم والمؤامرات والمخططات التي سيواصل حياكتها بحق شعبنا ، ولن تردعه الشرعية الدولية لأنه لا يعيرها أدنى إهتمام ، ولن يكون بمقدور كل الدول التي أيدت وصوتت إلى جانب دويلة هذه السلطة الإقدام على خطوة عملية واحدة مؤثرة على هذا العدو .
إن حرية شعبنا وخلاصه من عدوه هي رهن بيمينه ، والحق الشرعي لن يعود إلا بفعل المقاومة والمواجهة مع هذا العدو في ساحات الصدام معه على أرض فلسطين ، ونتائج المقاومة والتصدي للعدوان الأخير على غزة هي الدليل وليست بحاجة إلى أية تحاليل لأنها جاءت واضحة وضوح الشمس ، فنحن أمام عدو جبان وخائف ومذعور وجاهز للتقهقر أمام أقل قوة يمكن أن يرفعها الشعب وقواه الوطنية في وجهه .
بندقية المقاومة ورصاصها هي الطريق ، وهي الوسيلة التي لا بد منها لكى نفرض على هذا العدو التسليم بحقنا وبشرعية امتلاكنا لأرض الوطن ، سيرحل كل الفرحين بدويلة الأمم المتحدة قبل أن يتمكنوا من زيارتها ما دام الإحتلال متربعا فوق أرضها ، ولذلك سيظل شعبنا فوق كل المشاريع المشبوهة والملتوية ، ولن ينخدع بمسرحية هذا التصويت الهزلي والفارغ ، فكنس الإحتلال ورحليه هو ما يجب أن يأتي أولا وعاشرا ، شاء من شاء ، وابى من ابى .