التأمين الطبي المدني والواقع الأليم
إن تزايد تكاليف الرعاية الصحية في القطاع الخاص وارتفاع أجور التحاليل الطبية وأسعار الأدوية، كذلك ارتفاع معدلات النمو السكاني خلال السنوات الماضية، أدى ذلك إلى زيادة أعداد المستفيدين من خدمات التأمين الصحي الحكومي، مما انعكس عليها سلباً وأدى إلى تراجع في مستوى الخدمات الصحية المقدمة في كافة المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية.
وإن من ابسط حقوق المواطن هو الحصول على تأمين صحي، أو أن يجد من يوفر له هذه الخدمة الإنسانية بالوقت المناسب دون أن يضطر إلى طرق باب أي مسؤول من اجل دخول مستشفى أو إجراء عملية جراحية مستعجلة، فإن موضوع التأمين الصحي يجب أن يوفر تلك الحقوق بأبسط الطرق ودون حفها بالتعقيدات التي تنتهجها وزارة الصحة خلال تعليماتها التي لها بدايات من غير أي نهاية.
نحن مواطنون من هذا الوطن ونعيش لهذا الوطن، وكلنا يعلم بان المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية قد أصبحت غير قادرة على استيعاب عشرات الالاف من الموظفين والمواطنين الذين يراجعونها بشكل يومي مما يؤكد عدم قدرة القطاع الطبي العام على استيعاب أعداد جديدة من المستفيدين والذي يزيد من العبء الملقى على عاتق وزارة الصحة، أما التصريحات التي بتنا نسمعها في كل يوم وبكل مناسبة عن جاهزية القطاع الطبي المدني لامتلاكه مؤسسات طبية تقدم خدمات بمستوى لا يقل عن مستوى القطاع الطبي الخاص، ما هي إلا فقاعات في الهواء ولا تعبر عن واقع الحال بشيء إلا لاكتساب شعبية بدلاً من التي تخسرها في سوء الخدمات المقدمة من قبلها.
وبالإضافة إلى رداءة الخدمات الطبية المقدمة من قبل المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية وعدم كفاءتها وسوء المعاملة والبطء في الإنجاز، فإن المطلع عن قرب على الرسوم المالية المتعلقة بهذا التأمين وبالرغم من عن عدم ارتفاعها مقارنةً بأجور التأمين الطبي الخاص، فإنه يشعر بأن الهدف من إيجاد ذلك التأمين هو الجباية من الموظفين لا أكثر، فلماذا يتم الاقتطاع من الزوجين الموظفين العاملين في الحكومة كليهما إلزامياً؟ ولماذا يكون التأمين الطبي المدني إلزامياً للموظف المدني الذي يحمل تأميناً عسكرياً؟ ولماذا تكون رسوم اشتراك الموظف الأعزب مساوية لها للموظف المتزوج؟ أسئلة كثيرة لا أستطيع الإجابة عليها، واعتقد بأن العاملين في إدارة التأمين الصحي أنفسهم لا يستطيعون ذلك أيضاً.
وفي الختام، يؤسفني جداً أن أسمع بانه قد تم معاقبة موظفي المؤسسات الحكومية المستقلة التي شرعت أنظمتها - قبل إلحاقها في مظلة نظام الخدمة المدنية - أحقية موظفيها الحصول على تأمين صحي خاص ، بإخضاعهم من قبل هذه الحكومة وبخطوة ارتجالية متسرعة وغير مدروسة إلى القطاع الطبي المدني بحجة معالجة التشوهات والفروقات بين موظفي القطاع العام وضبط وتخفيض الإنفاق الجاري الحكومي، فإلى أي هاويةٍ ستأخذنا تلك القرارات التي يتخذها مسؤولينا يومياً ويخالف ظاهرها باطنها، راجياً أن تراجع الحكومة قرارها هذا قبل أن يصبح تحت حيز التنفيذ.