غياب الإخوان .. هل يطرح خيار التحالف مع «الوسط» الإسلامي

ليس سراً ان ثمة جهوداً بذلت للبحث عن بديل “للاخوان” المسلمين في البرلمان القادم، وان البعض وجد في “اليساريين” والقوميين “شريكاً” أو حليفاً يمكن توظيفه لسد هذا الفراغ، لكن ما الذي يمنع من البحث عن هذا البديل داخل اطار التيار الاسلامي نفسه، ما دام ان المطلوب هو اضافة “نكهة” من الاسلام السياسي على “الطبخة” الديمقراطية التي ننتظر ولادتها من رحم البرلمان؟.
صحيح ان حصة “الاخوان” في الخارطة السياسية تبدو كبيرة، كما ان وزنهم في الشارع وحضورهم في الحياة الاجتماعية يبدو متقدماً على غيرهم، سواء بسبب تجربتهم الطويلة أو الاطار التنظيمي الذي يتحركون فيه أو تحالفاتهم السابقة مع الدولة، لكن الصحيح ايضاً ان ثمة آخرين داخل التيار الاسلامي لهم حصتهم في هذه الخارطة، بعضهم قرر العزوف عن الترشح والمشاركة في الانتخاب، وبعضهم انحاز للمشاركة الكاملة، فاخواننا - مثلاً - في التيار السلفي من الصنف الاول، ومثلهم - الى حد ما - الصوفيون، اما التيار “الوسطي” فيحسب على خط المشاركة الكاملة بعد ان اصبح له حزب هو حزب الوسط الاسلامي وأشهر قبل ايام قائمته الانتخابية ومرشحيه على مستوى الكوتا والدوائر الفردية.
لا يستطيع اي طرف ان يعوض غياب “الاخوان” ولا غيرهم ايضاً، فلكل حزب أو تيار “طعم” خاص واجتهادات وتوجهات تميزه عن غيره، لكن ما دمنا نتحدث عن “البدائل” بعيداً عن المفاضلات والمقارنات: فان حضور الاسلاميين في البرلمان - مع غياب الاخوان - يمكن ان يعوض “النقص” في صورة المشهد، واذا ما اضفنا لذلك بأن قاعدة “المتدينين” وهي واسعة في مجتمعنا تميل في الغالب الى اختيار المرشح الاسلامي، فان فرصة نجاح بعض المحسوبين على هذا الاتجاه تبدو كبيرة، والسؤال: لماذا لا يكون هؤلاء هم البديل ما دام أن “الدولة” تبحث عن بدائل وتحالفات، ولماذا جرى “تهميش” هذا التيار فيما كان من المفترض ان يحظى بنوع من الدعم أسوة بالتيارات الاخرى التي جرى استدعاؤها لابرام ما يلزم من تحالفات؟.
لا يوجد لدى اجابة واضحة، بالطبع، لكنني اعتقد ان التيار الاسلامي الذي اعلن مشاركته في الانتخابات سيكون امام امتحان صعب، فهو - من جهة - يخوض معركته وحده ويبحث وسط حالة من العزوف عن المشاركة لا سيما لدى “القاعدة الاسلامية العريضة” عن أصوات تدفع بمرشحيه الى البرلمان، وهو - من جهة ثانية - ما زال يتذكر “الضربات” التي تلقاها في الانتخابات الماضية رغم ان حضوره آنذاك كان مطلوباً، وفرصه في الفوز كانت موجودة.. كما انه - من جهة ثالثة - يشعر بأنه وقع ضحية لعمليات من التشكيك والمحاصرة، سواء من قبل خصومه داخل التيار الاسلامي أو من قبل خصومه خارجهم وبعض المسؤولين ايضاً.
اذا كان التنوع داخل “الاسلام” السياسي مطلوباً وضرورياً، فان حضور “الوسطيين” سواء أكانوا من داخل حزب الوسط الاسلامي أو من خارجه يبدو مشروعاً وضرورياً أيضاً، لا باعتبارهم البديل عن الاخوان، وانما باعتبارهم “المكمل” لهم، فمن هذا الاطار خرجت - مثلا - جماعة مجتمع السلم في الجزائر، وحزب العدالة والتنمية في المغرب، وحزب النهضة في تونس وغيرها ايضاً في تركيا وماليزياً وفي مصر..الخ، ومعظمها وصلت الى السلطة من خلال الصناديق، فما الذي يمنع أن يكون في بلدنا تيار “وسطي” اسلامي، وما الذي يمنع أن تصب الأصوات التي تبحث عن الخيار الاسلامي في صناديقه، وما الذي يمنعه ايضاً من تطوير نفسه واقناع الجمهور بخطابه ونشاطه وحضوره؟.
قلت ان تجربة “الوسطيين” امام امتحان صعب، وأضيف ايضاً بأن من واجب الدولة وهي تبحث عن بديل للاخوان ان تتوجه الى هؤلاء قبل غيرهم، فهم الأقدر على تعويض “نكهة” “الاسلاميين” لأنهم خرجوا من ذات المرجعية ومن ذات التجربة.. وان اختلفوا مع اخوانهم في بعض الاجتهادات والممارسة؟. ( الدستور )