جريمة يجب ألاّ تتكرر

اليوم؛ نَقُصُّ الشريط الحقيقي للانتخابات النيابية، حيث يبدأ الترشح للمقاعد الفردية والقائمة الوطنية.
ونأمل أن يمضي الشهر المتبقي من عمر العملية الانتخابية، بحيث يمسح من ذهن الاردنيين جريمة ما جرى في الانتخابات الماضية والتي سبقتها، من تزوير مفضوح ضرب مفهوم الانتخابات في مقتل.
لكن، رغم ما قيل ويقال عن نزاهة الانتخابات المقبلة، ومن رأس الدولة إلى أصغر موظف في الهيئة المستقلة للانتخاب، فإن قناعات الناس لا تزال تطرح الاسئلة ذاتها، وتشكك بإمكانية وصول العملية الانتخابية إلى بر الأمان من دون تلاعب في مرحلة معينة، حتى وصلت الحال إلى أن يقول بعضهم :"انتخابات في الأردن من دون تزوير مستحيل..."!
ما يمنح هذا الكلام أوكسجين الحياة، أن بعض المرشحين لا يتورعون عن ترداد ذلك، ويفصلون أكثر، ان التلاعب هذه المرة سوف يقع بشكل واضح في القائمة الوطنية، والـ 27 مقعدا، وفي المناطق قليلة السكان وخارج العاصمة، ويضيف هؤلاء :إن وجد هذا التلاعب في القائمة الوطنية وتم توزيع مقاعدها بطرق المحاصصة، وتمثيل من لا يستطيع الوصول إلى مقاعد البرلمان، وأطياف العمل السياسي كافة، فإن ذلك بالضرورة سيفتح على المقاعد الفردية، وعندها تنفتح أبواب جهنم على المشروع الاصلاحي في البلاد كلها.
هذا الكلام ليس من باب التهويل، ولا من باب خلق أجواء سلبية حول الانتخابات، بل من أجل وضع النقاط على الحروف، لأن الماكينة التي تتحدث عن استحالة الوصول إلى انتخابات نظيفة وغير مزورة، لها أيد وأرجل وتدب على الأرض، وتوسع اتهاماتها على مقياس ما حصل في السنوات الماضية، وكيف تم تدمير الانتخابات ومصداقية الدولة، وباعترافات مباشرة من المُزوِّرين، ومع هذا لم يتم تحويل مُزوِّر واحد إلى القضاء، رغم أن جريمة تزوير إرادة الأردنيين جريمة كبرى لا تسقط بالتقادم.
حتى الآن نجحت الهيئة المستقلة للانتخاب في إدارتها للعملية الانتخابية، من التسجيل والجداول والكشوفات والطعن والهويات والصناديق البلاستيكية الشفافة، والحبر، وسوف تنجح في التسجيل لعملية الترشح، لكن المراهنة على الـ24 ساعة يوم الانتخاب، وسوف ننتظر رئيس الهيئة عبدالاله الخطيب الذي وعد أنه سيكشف أية عملية تزوير في أية مرحلة من مراحل الانتخابات إن وقعت، وهو لم يتوان أن يكشف فقدان بطاقات انتخابية في بداية إصدار البطاقات.
التصريحات الساخنة التي حذرت من تزوير الانتخابات، ومن المعنيين كافة، يجب ان تتكرر هذه الايام، كما يجب أن تفتح الأعين على كل من يفكر بتزوير الانتخابات، لان الانتخابات المقبلة، هي عنوان الاصلاح، ومستقبل الدولة والنظام، ومن يفكر بالعبث فيها، فإنه في فريق أعداء الإصلاح والدولة والنظام.
لا يهم الدولة الآن إلا النجاح في معركة نسبة التصويت، وهذه سوف تتحقق من خلال زيادة أعداد القوائم، أما أن ينجح فلان ويرسب علان، معارضا كان أم مواليا، فلا يضير البلاد في شيء، وهذا تقرره صناديق الاقتراع، فلماذا يبقى التشكيك إذا في الوصول إلى انتخابات غير مزورة ؟. ( العرب اليوم )