"الشقيق الأكبر" مع وقف التنفيذ

تعنى هذه الزاوية عادة بمتابعة الأفكار الدارجة على المستوى الشعبي. ومن أحدث هذه الأفكار الدراجة في الشارع الأردني هذه الأيام، أن حكام مصر الجدد (جماعة الاخوان) حاولوا الضغط على الأردن بموضوع الغاز، فردت الحكومة الأردنية بمحاولة الضغط في موضوع العمالة المصرية، وكانت النتيجة ما رأيناه من قبول حكومة مصر باحترام اتفاقية الغاز مقابل وقف متابعة العمال المصريين، وهو مشهد محزن لأنه لم يكن ضرورياً للشعبين.
لم أر في حياتي مثل ذلك الفرح الذي رأيته على وجوه الأردنيين ليلة نجاح الثورة المصرية وسقوط مبارك، وهم يتدافعون بالألوف في الشوارع محاولين الاقتراب من السفارة المصرية. لم يكن معروفاً حينها كيف ستسير الأمور بعد الثورة، غير أن الناس هتفوا لمصر وعبدالناصر ورفعوا صوره، لم يكن ذلك تعبيراً عن رغبة بعودة الناصريين كفصيل سياسي، بقدر ما كان رغبة باستعادة صورة البلد "الشقيق الأكبر" التي أسسها عبدالناصر.
على الأرض، استعاد المصريون المتواجدون بيننا مكانة المصري التي نحبها، وهي مكانة مليئة بمعاني الكرامة، وقد عشنا أياماً نغار فيها منهم، إنهم أبناء وأشقاء صناع الثورة. لقد محت الأيام الأولى التي تلت الثورة الكثير من عناصر صورة "المصري" السلبية التى أسس لها السادات وكرسها مبارك.
إن كثيراً من العرب يحبون مصر بما يزيد أحياناً عن حبهم لبلدانهم، ولكنهم يحبونها بلداً كبيراً قائداً حاضناً رائداً مبدعاً.
من المحزن أن حكام مصر الجدد (جماعة الاخوان) سرعان ما بددوا ذلك الأمل، لكن من المفرح أن الشعب المصري يخوض اليوم، ونيابة عن كل العرب، معركة الدفاع عن مصر التي نحبها. ( العرب اليوم )