قبل صدور تقرير الصندوق

فيما عدا تعويم أسعار المحروقات وتحويل دعمها الشامل إلى دعم نقدي للمستحقين ، لم تتخذ الحكومة إجراءات أخرى يمكن إدراجها في باب القرارات الصعبة ، وبالتالي فإن رضى بعثة صندوق النقد الدولي عن إنجازات الأردن في مجال التصحيح الاقتصادي وفق البرنامج المتفق عليه يدل على أن البرنامج ليس بهذه القسوة التي افترضناها ، وأن الصندوق يتعاطف مع الأردن ، ويتفهم ظروفه المالية والاجتماعية ، ويقدر الحاجة للتحرك التدريجي ولو كان بطيئاً طالما أنه في الاتجاه الصحيح.
الاختبار الحقيقي سيكون في العام القادم 2013 ، حيث يجب زيادة الإيرادات المحلية بشكل ملموس ، وخفض أو تجميد النفقات المتكررة ، وتخفيض خسائر شركة الكهرباء الوطنية ، وهي في الواقع مؤسسة عامة حكومية ، من خلال إجراءات مالية وإدارية وفنية لا تقف عند مراجعة التعرفة بالنسبة لكبار المستهلكين.
إجراءات الإصلاح الاقتصادي يسهل تعدادها ويصعب تنفيذها ، ما لم تتوفر إرادة قوية وحكومة قادرة على حمل المسؤولية ، ووعي شعبي بأهمية الإصلاح الاقتصادي والاقتراب التدريجي من حالة الاستقلال المالي والاعتماد الذاتي.
حتى كتابة هذه السطور لم تصدر بعثة الصندوق بياناً بنتائج المراجعة التي قامت بها خلال هذا الشهر ، وكل ما لدينا هو تصريحات حكومية تؤكد أن البعثة اعتبرت أن الأردن وفـّى بالتزاماته تجاه البرنامج ، وبالتالي استحق الدفعة الثانية من القرض السهل الذي ينتظره الأردن بفارغ الصير لتخفيض الحاجة للاقتراض الداخلي الذي يواجه بعض الصعوبات وتعزيز احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية الذي أصبح أحد أهم مقاييس الاستقرار النقدي والثقة العامة.
ليس من المتوقع أن يقـول تقرير الصندوق أنه وجد كل شيء تمام التمام ، فلا بد من عمليات تقييم لأوجه مختلفة ، والخروج بنتائج متفاوته ، ومن المهم أن تنال ملاحظات الصندوق وانتقاداته للسلبيات عناية أكبر من رضاه وامتداحه لبعض الإيجابيات. وفي جميع الحالات فالمفروض أننا أحرص من الصندوق على إنجاح البرنامج والخروج من عنق الزجاجة ، خاصة وأن الأرقام المالية لأوضاع الخزينة والعجز والمديونية والدعم لسنة 2012 تعطي صورة كاريكاتورية غير مقبولة وغير قابلة للاستمرار في دولة مستقلة.
وما زلنا بانتظار نشر الاتفاق بين الأردن والصندوق بما فيه برنامج التصحيح الذي سيطبق على مدى عدة سنوات.
( الراي )