طريقة في الدراسة الفعالة وتحسين الذاكرة ( إلى طلبة التوجيهي )
يربط كثير من الناس التحصيل المدرسي بالذكاء ، وهذا مقبول إلى حد ما ، فالطالب الأذكى هو الاقدر على التعلم والتحصيل المدرسي من الاقل ذكاء ، اذا تسا وت او حيد ت جميع العوامل الاخرى ، والذكاء قدرة عقلية موجودة لدى جميع الناس بقدر متفاوت ، ومهما يكن ، فانه يفترض او غالبا ما يكون ذكاء طلبة الفصل الواحد في المدرسة متقاربا ، وتتراوح درجات ذكاء الطلبة العاديين في الفصل الواحد ما بين (90 – 110) درجات ، ويجب ان لا ننسى ان للخبرة والتحصيل والثقافة الاثر الكبير في تحسين وتقدم ذكاء الطالب ؛ لان الذكاء متغير( يتحسن ويضعف) متأثرا بعوامل كثيرة ، منها نفسية ودافعية وانفعالية وبيئية ؛ فالطلبة الذين يجدون حولهم موائد الثقافة وادوات التعلم والخبرات والجو التعليمي في البيت كالكتب والمجلات ؛ لا شك ان ذكاءهم يتحسن ، والعكس صحيح ؛ فالبيئة التي تخدم طلبتها احسن يكون مستوى ذكائهم افضل ، فالطالب الذي يكتسب خبرات تعليمية افضل هو الافضل في المدرسة ، والطالب الذي يعرف كيف يستغل وقته في الدراسة ويدرب ذاكرته على الاحتفاظ بالمادة المتعلمة يظل هو الافضل.
ومع الاسف ، فان كثيرا من طلبتنا لا يعرفون كيف يدرسون ، ولا كيف يكتسبون المعلومات والمهارات والخبرات.... ولا حتى كيف ينظمون اوقاتهم ويبرمجونها ، ومتى وكيف تكون دراستهم مفيدة ومجدية ؟ ولا يعرفون كيف يحتفظون بالمادة المتعلمة ، او كيف يتذكرونها ؟ ولماذا ينسون ؟ وكيف يؤكدون حفظهم ودراستهم ، وبأي الطرق يدرسون بالطريقة الكلية او الجزئية ، فرادى او جماعات ، إلى غير ذلك . وهذا كله كان واجبا على المدرسة ان تعلمهم اياه ؛ فان من ادوار المدرسة ان تعلم الطالب كيف يتعلم ، وكيف يحل مشكلاته ، وكيف يتحصل على معارف لا يعرفها ،ومهارات لا يمتلكها ، كان عليها ان تعلمه الطريقة في التعلم ،وكيف ينظم معلوماته ليوظفها في حل مشكلاته ، وان يحقق الطالب ذاته في ظل عقل متسائل وفكر باحث مستنير ، ولكن مع الاسف ، فان مدارسنا نسيت هذا الدور البناء والهدف الاسمى ، فكثير من طلابنا ، بل وجلهم اعتادوا على معلمهم ، اعتادوا عليه في شرح الدرس وما يمليه عليهم ، او يقوله لهم ، فبات من الصعب عليهم ان يجدوا انفسهم اثناء غيابه ، تعودوا ان يتحمل معلمهم عنهم المسؤولية ، وان ياتي بما عنده من محاضرات واختبارات هم لا يحبونها في معظم احيانهم ، ان ثمة اشياء كثيرة في المنهاج يستطيع الطلبة ان يعرفوها بانفسهم ،لا باجترار المعلم لها وتضييع الوقع بها!!
اما عن طريقة الدراسة المجدية وتحسين الذاكرة ؛ فانه علينا ان نعرف اولا بعض الحقائق عن عقل الانسان، الذي يحتوي على اكثر من تريليون وصلة محتملة ، وهو ما يوازي اعظم الحاسبات الالكترونية في العالم ، وان ما يستخدم من خلايا العقل هو 10% فقط ، وان مخ الانسان( عقله) يحتوي على 200 بليون خلية ، وخلايا العقل هي الوحيدة في جسم الانسان التي لا تتجدد ولا تتغير ، والا لنسينا كل المعلومات عند تجديد هذه الخلايا ،وعقل الانسان يستطيع الاحتفاظ ب100 بليون معلومة ، وان الافكار تسافر بسرعة 300 ميل في الساعة وهي اكبر من سرعة قطار الرصاصة ، واننا نتذكر مما نقرأ 20% ومما نسمع 30% ومما نرى 40% ومما نقول 50% ومما نعمل 60% ومن كل ما سبق 90% ، وهذا ما يؤكد رسوخ التعلم بالعمل في الذاكرة بل ويتحول إلى سلوك لا ينسى ويصبح جزءا من سلوك الفرد.
ان ثمة عوامل خارجية واخرى داخلية تؤثر في عملية الدراسة وتحسين الذاكرة ،وتجعلهما اكثر فعالية وذاتا فائدة اكبر ، اذ يستطيع الطالب تقوية ذاكرته وتحسينها ،والقيام بعمليات حسابية ذهنية، وتذكر المادة سواء كانت ارقام كالتواريخ الهامة ، او قوانين فيزيائية او كيميائية ،وذلك بتحفيز ذاكرته وتقويتها ليستطيع استقبال وتخزين اكبر عدد من البيانا ت والمعلومات يقوم باسترجاعها عند الحاجة اليها بسهولة.
فمن العوامل الداخلية:-
1- وجود دافع معين ؛ يدفع الطالب نحو الدراسة ،وقد يكون هذا الدافع داخليا او خارجيا ايضا ، فالدافع الخارجي مثل الثواب والعقاب ،سواء من المدرسين او من الوالدين ، او من اية جهة اخرى. والداخلي مثل شعور الطالب بحافز معين ومؤثر، كأن يشعر بفقره مثلا، فيندفع لتحسين حالته الاجتماعية.
2- التركيز والانتباه على المادة يساعدان كثيرا في تثبيتها.
3- الخبرة بعد الدراسة عامل هام جدا في الاحتفاظ بالمادة المتعلمة ، فان فترة نوم مثلا تعقب التعلم تميل إلى تأخير النسيان؛ لان النفس في حالة النوم تكون مشغولة بامور اقل منها في حالة اليقظة.
4- الربط بين المواد؛ اذ ان التعلم الثاني قد يقلل من تذكر التعلم الاول ،لهذا ينصح بالربط بين المواد السابقة باللاحقة( اي ان تكون ذات صلة) علوم - رياضيات اوعربي – دين لان ذلك يحسن الاحتفاظ بالنسبة للمادتين.
5- التكرار والمبالغة في الدراسة هو تدرب اضافي على المادة المتعلمة خاصة اذا استعملها الدارس في مواقف او مناسبات جديدة او عن طريق الربط بين المواد المختلفة وعرضها في اطر جديدة.
6- المقارنات ايضا تساعد على اظهار وجوه الشبه والاختلاف وبالتالي ايضاح المواد.
ان كفاءة وتصميم الطالب على التذكر وموقفه من المادة التي يدرسها تؤثر كثيرا فيما يحتفظ به ويتذكره
7- كما ان التلخيصات بحيث تشكل العمود الفقري والهيكلي للمادة، وتكون التلخيصات اشبه بمفاتيح للمادة.
8- ربط الكلمات او المعلومات ذهنيا بوسائط معينة يمكن حفظها ،مثل ربطها بقصة قصيرة ، او بارقام ،او بصورة ، اولون ،او بالصوت ،وذلك بتحويل المقطع المتكون من الحروف الاولي لما تريد حفظه إلى انشودة او اغنية ، والربط بكلمات مفتاحية مكونة من اول حرف من كل كلمة تريد حفظها مثل سلسلة جبال الاردن التي هي (جبال عجلون، وجبال البلقاء، والكرك ، والشراه ، والطفيلة) فيمكن ان تكون كلمة مفتاحية من هذه الجبال عندما تأخذ اول حرف من كل سلسلة جبال فيتكون لديك كلمة (عبكشط) تحفظها على انها سلسلة جبال الاردن وتسترجعها حين طلبها وهكذا...
9- الربط بالخريطة الذهنية ولكن يلزم الطالب التدرب على كيفية اعداد ورسم الخريطة الذهنية.
10- التمثيل ، فان تمثيل الموقف او الموضوع الذي يتعلمه الطالب ما هو الا تدريب عملي يحفز الذاكرة للقيام ببعض المهام المحددة، ويحفظها في الدماغ، ويمكن استرجاعها وقت الحاجة.
11- تقسيم الفكرة ،اوتجزئة الموضوع إلى وحدات واجزاء صغيرة، ثم حفظ كل جزء وربطه بالفكرة الرئيسة او الموضوع الرئيس.
12- التسميع الفردي: كأن يقوم الطالب بتسميع ما تم حفظه على نفسه فكلما زاد التسميع كلما زاد الاحتفاظ بالمعلومات بسبب اشتراك اكثر من حاسة في الدراسة خاصة في التسميع الكتابي ذلك لان التسميع يساعد في زيادة قدرة الطالب على التذكر وتدوين المعلومات في الذاكرة.
13- التكرار او دراسة الموضوع عدة مرات على فترات متقاربة حيث ان دراسة الموضوع على فترات متقاربة تزيد من الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة ويسهل استرجاعها وقت الحاجة.
14- شخصنة الارقام ومنحها هوية خاصة وقد اعتمد اينشتاين هذه الطريقة لحفز ذاكرته وتحسينها بحفظ وتخزين المعلومات حيث يمكن ترميز كل رقم من الارقام الاولية (اعطاء كل رقم من 1- 10 ) رمز خاص معين ويجعل من هذه الارقام معادلات رياضية ويحفظها.
15- ربط المعلومات بخبرات سارة او مؤلمة مما يزيد في تخزينها وحفظها في الذاكرة.
16- بناء ما يسمى بهرم الافكار حيث يمكن تقسيم الدماغ ذهنيا على شكل هرم بحيث تكون القاعدة تحتوي على الافكار الاكثر اهمية والاكثر تعقيدا ثم تتدرج إلى الاعلى لتكون القمة هي الاقل اهمية والاقل تفصيلا وكلما حصلت على معلومة جديدة احتفظ بها في مكانها المخصص في الهرم الذهني
اما العوامل الخارجية :- فهي
1- المكان وما يتعلق به من التهوية الجيدة، والحرارة المناسبة؛ لان الحرارة الزائدة تساعد على النوم، وكذلك درجة الرطوبة العالية تضايق الدارس ،كما ان توفر وسائل الدراسة من مكتب او نحوه تساعد الدارس.
2- الاضاءة الجيدة فلا النور الساطع المبهر، ولا الضعيف الخافت ، وكلما كانت الانارة طبيعية كانت افضل ،وان ياتي النور من خلف الدارس من الجهة اليسرى.
3- بعد الكتاب عن العين؛ اذ يجب ان يؤخذ ذلك بالاعتبار والبعد الصحي هو 30 سم.
4- الجلسة الصحية ، وان لا يكون الدارس مضطجعا قريبا من حالة النوم، او متهيئا له، فلا يطالع على سرير ، او في غرفة النوم.
5- وقت الدراسة : بحيث يختار الدارس الوقت الافضل والمناسب للدراسة، وهو في الصباح الباكر، او مع المساء في سكون الليل، وكلما وجد الدارس في نفسه رغبة للدراسة في اي وقت يستطيع ذلك .
6- الهدوء والابتعاد عن الضوضاء والضجيج وما يشغل الفكر ويشتت الانتباه.
7- ثبت انم المنبهات التي يستعملها بعض الدارسين ظنا منهم انها تساعدهم على الاستمرار في الدراسة ثبت انها ضارة لذلك ينصح بعدم تعاطيها ولا بأس من تناول كوب واحد من القهوة او الشاي، واذا تناول الدارس اكثر من ذلك يصبح مفعولها عكسيا؛ فبدل ان تنبه الاعصاب فانها ترخيها وتساعدها على النوم .
8- الاعتدال في الطعام :- فقد اثبتت دراسات ان الاشخاص الذين يتناولون الطعام باعتدال يتمتعون بذكاء اكبر قياسا بالاشخاص الذين يفرطون في الطعام، وان تناول الطعام باعتدال ينعش خلايا الدماغ ويجدد شبابها ويحفزها للنشاط خلافا للافراط في الطعام الذي يؤثر في خلايا الدماغ تماما مثلما يؤثر الافراط في الطعام على الجهاز الهضمي، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال "المعدة بيت الداء" وقيل "قم عن الطعام وبك خصاصة فان البلاء من الامتلاء".
اما عن شرب الماء فينصح به بكثرة، وهو الدواء الناجع للتخلص من التوتر والقلق الذين هما اشد اعداء التعلم ، اذ يحدث التوتر حينما ينقص الماء من الدماغ الذي يتكون في وزنه من 98% من الماء ، فاذا نقص الماء في الدماغ ؛ فان الدماغ يرسل رسائل إلى خلايا الجسم لتزوده بالماء، فترسل له هذه الخلايا ماءا من مخزونها ، ولكن هذا الماء يكون مشوبا او مخلوطا بالاملاح، مما يزيد من التوتر ويرفع الضغط ويزيد التوتر لدى الدارس
فيصعب التعلم!! ولكن شرب الماء يحل مشكلة التوتر ويسهل التعلم.
اما شرب المنبهات مثل الشاي والقهوة والمشروبات الاخرى كالبيبسي فانها تساعد على تركيز الاملاح في الدم داخل الجسم فترفع الضغط ويزداد التوتر (العدو الاول للتعلم) فتتشتت المعلومات وتتلاشى لان هذه المشروبات تحتوي على نسبة عالية من الكافيين.
لقد اكتشف العلماء ان النوم يعين كثيرا على الحفظ واسترجاع المعلومات الصعبة، كالمعادلات الرياضية والكلمات الاجنبية، كما ثبت ان الانسان في الليل يكون اكثر حيوية وانتاجا فكريا.قال تعالى" ان ناشئة الليل هي اشد وطأ واقوم قيلا " اي ان القراءة في الليل اثبت في الذاكرة وتدوم اكثر، وفيها البركة والخير، واصوب واهيأ . صدق الله العظيم.
والى اللقاء في حلقة اخرى