تشرشل والتأمين الصحي ... رسالة الى صاحب القرار
يجزم صديقنا المتخصص في الإدارة العامة للدولة, العائد من عمله في احدى المنظمات الدولية .. ان ما بنته جائزة الملك عبدالله الثاني لتميز الأداء الحكومي والشفافية .. خلال العقد الماضي هدمته وزارة القطاع العام بهيكلتها لمؤسسات الدولة ...
ويتابع غاضباً ان هذه الجائزة بتفاصيلها ومنذ ان بدأت في بريطانيا وامريكا ودبي ,,, ساهمت في تعزيز التميز وتحقيق العدالة الإجتماعية, واصبحت المؤسسات العامة تحديداً تتبنى المبادرات التي اطلقتها الجائزة والتي كانت غريبة على مؤسساتنا كالمتسوق الخفي ومعايير الخدمة المتميزة وتقييم الاداء المؤسسي وترسيخ القيم المؤسسية .
بالمقابل تأتي حكومتنا الرشيدة ولغايات دعائية "وكرسيه" تتشدًق بأهمية تطبيق الهيكلة والملايين التي ستعود الى الخزينة , وتعلن اعتباطاً ودون دراسة لأي مؤسسة أو هيئة انها "شدشدت" النفقات بإلغائها الحوافز والتأمين الصحي والعلاوات الإضافية.. وعلى نظرية "ويل للمصلين" .. ترفع هذه التقارير للأعلى فالأعلى ...
ويتساءل صديقنا الخبير "هل من قرر هذه الأنظمة والتعليمات في زمان ما .. كان عميلاً أو متآمراً ...؟
هل كان حال البلد الإقتصادي افضل ؟ ونحن مررنا بأزمات أخطر على مدى التاريخ ...!!
هل "حزمة" الأسعار الهائلة للسلع ؟ انخفضت لتقرر الحكومة إلغاء هذه الرفاهيات ...!!
ماذا تتوقع الحكومة من موظف "تسحب من دمه" مائة دينار في هذا الزمن الصعب ؟ هل نحن انبياء ...؟
هل حصل موظفو هذه المؤسسات وعوائلهم والبالغ عددهم مائة وعشرين ألفاً, على هذه الإمتيازات بطفرة ؟ أم أن عمرها أكثر من ثلاثين عاماً..؟
هل الموظف عبارة عن "شوال" تحركه وزارات متعاقبة ( منحه علاوة , شطب عن التأمين الصحي , منحه رابع عشر , ألغي الرابع عشر .. أين المؤسسية ؟ ) التي يرفض العالم المتقدم أللعب بها ؟.....
وينفث صديقنا الخبير سيجارته – رغم انه غيرمدخن – ويقول: هل علاج الخيانة .. ان تخون ؟
هل تتضامن مع كسر رجل ابنك .. ان تكسر رجلك ؟
لماذا لا تذهب الحكومة الى علاج بعض الوزارات التقليدية .. والركود الإداري التي تحياه .. وتسيب بعض موظفيها...
هل جرأت الحكومة ان تقترب من حمولات البلديات الزائدة بشكل بشع ..؟
هل عالجت الحكومات المتعاقبة مشكلة "الخادمات" المزمنة ؟
هل عالجت الحكومات مشكلة البطالة المتصاعدة .. (20%) حالياً
هل هل هل ...؟؟؟؟؟ عالجت الحكومات مشكلة (8%) من سكان الأردن "معاقين"
ان بعض رؤوساء حكوماتنا بتصريحاتهم الأدارية النارية تشعر وكأنه سيعيد الأندلس وليس فلسطين فقط .. لتكتشف عن مغادرته "لكرسيًه" أنه لا يعلم ان (650) الف عامل أردني غير مشمولين بأحكام قانون الضمان الإجتماعي وان هؤلاء سيكونون عبئاً على خزينة الدولة بمليارات الدنانير مستقبلاً .. والشاطر يفهم ..
ثم من كان صاحب القرار بإلغاء التأمين الصحي عن (120) ألف مواطن أردني ؟
هل وزارة الصحة قادرة على استقبالهم .. عجبي..؟؟!!
استذكر المثل الشعبي الأردني " حطًوا عليه فرده ... قال حطًوا الثانية "...
والمضحك المبكي ان " نظام التأمين الصحي المدني لسنة 2007 " وتعديلاته يتحدث عن " عوائد أستثمار أموال الصندوق " والمقصود صندوق التأمين الصحي المدني وبالمقابل بلغ عجز الصندوق عشرة مليون دينار ... كمان عجبي ..؟؟!!
ان من ابجديات الأدارة العامة للدولة برعاية مؤسساتها ان تعمل على محاولة "التغذية الذاتية " لكل مؤسسة وهذا ماكان يحدث مع هذه المؤسسات فـ (95%) من هذه المؤسسات كانت مستقلة مالياً وأدارياً وليست معنية " بالخزينة " اطلاقاً والتأمين الصحي ممًول ذاتياً .. فلماذا العبث والذي ان كان مقصوداً فهو كارثة وان لم يكن مقصودة فعلى صاحب القرار ان "يسكر ويروح"
وبعد ان أنهى صديقنا "كاسة الشاي الرابعة" وبعد ان قرر ان يعود الى مكان عمله السابق خارج البلاد يقول: ثم اين مؤسسات المجتمع المدني كالنقابات (نقابة الاطباء , نقابة أطباء الأسنان , نقابة الصيادلة , اصحاب المستشفيات ؟؟؟!!!
كيف يرضون وهذه مهمتهم أن يخسروا (مائة وعشرين ألف زبون ) ( بجًرة قلم ), اليسوا معنيين بهذه الشريحة ..؟ الا يجب ان تكون هذه القضية إحدى برامجهم الانتخابية ؟...
ياسادة ياكرام : والكلام موجًه لنا .. كما قال المفكر والفيلسوف باولو فريري .. " ليس المهم ان تكون مضطهداً , ولكن المهم ان تشعر بالإضطهاد .." وانتم ستشعرون بالإضطهاد...
وستبدأ المؤسسات العامة الناجحة - وانا على يقين – بالإندحار والإنهيار على صعيد الإنتاجية والتميز والعدالة والنزاهة وروح الفريق و و و ...
وهاهي قد بدأت بالإستقالات الجماعية .. والتمرد في العمل الوظيفي والإجازات المرضية و و ...
استذكر مقولة لتشرشل عندما أعطى أمراً بتحريك فرقه عسكرية الى المعركة , سأل عن أحد المجندين فقالوا له " مريض " فقال " يؤجل القرار لحين شفائه لأني لا أرغب أن تكونوا بالمعركة وتفكروا بصحة زميلكم"....