خاطبونا بعقولنا
في موسم الانتخابات، تنشب حمّى الصور والأعلام واللافتات والميكروفونات والوعود والمآدب والزور والبهتان.
وقد جعلت هذه الحمّى مواطناً معوزاً يبدع في مغالبة عوزه، فيسرق ليلاً من الصور والأعلام ما يمكن بيعه نهاراً. غير أنّ نعيمه لا يدوم؛ إذ تضبطه عين الأمن الساهرة. من الحق أنّ الواقع يقلّد أحياناً، فها هي الجدران والشوارع والصحف والفضائيات والسيارات وأعمدة الكهرباء و.. ها هي جميعاً تقوم ولا تقعد، فهذا ثغر مرشّحة يفترّ باسماً، فيكشف عن أسنان (اللولو)، وهذا مرشّح يرسل ذراعيه عالياً كأنّه يختم وصلته في حفل غنائي ساهر أو في حفل خطابي غير ساهر، وهذه تَعِدُ، وهذا يَعِدُ بما لو تحقّق عشر معشاره خلال عشر دورات انتخابية لما بقي لشكّاء أو شكّاءة ما يشكوان منه.
فالفساد، والبطالة، والتنمية، والتعليم المفتوح، والصراع بين الزوجين السعيدين، وما شاكل من كلّ ما تعانيه فئات الشعب جميعاً، كلّ ذلك سوف تبلسمه أنامل هذه المرشحة وهذا المرشح، إنْ جاد عليهما بصوته الناخب؛ أي المواطن الصالح المدلل.
أيام قليلة تفصلنا عن أول انتخابات لمجلس الشعب بعد تعديل الدستور ولهذا ينظر إلى الانتخابات بأنها مفصلية وأول محك لمشروع الإصلاح على طريق بناء اردن جديد وقوي , فهل يتحقق الطموح؟ الوقت يتسارع والفرصة قد لا تتكرر ومهما كان رأينا فإنه مهم للغاية وغيابه يعني إعطاء فرصة لتكرار أخطاء الماضي بوصول شخصيات لم تثبت ولو مجرد حضورها ولم يسمع بها حتى أبناء المحافظات التي يمثلونها.
وإذا كنا جادين ومهما كان موقفنا وقناعاتنا بمشروع الإصلاح وظروفه الراهنة، فإن واجبنا الوطني يملي علينا أن نمارس حقنا لأنه بذات الوقت واجب علينا وهو فرصة مهمة قد لا تتكرر , ولكن من ننتخب؟ سؤال محير نطرحه على أنفسنا سكان المدن خصوصاً في العاصمة حيث نجد البطء في عمليات نشر البرامج الانتخابية والدعاية خصوصاً من قبل الأحزاب الجديدة التي تشارك لأول مرة في الحياة السياسية.
ومن الأخطاء الشائعة وللأسف هو التركيز على الصورة أو الاسم فقط وصرف الاف الدنانير على هكذا دعاية دون إرفاقها ولو بكلمة تظهر برنامجاً يسعى إليه صاحب الصورة.
فهل نحن لهذه الدرجة عاطفيون ننجر إلى صورة الشاب أو الرجل الوسيم أو المرأة الوقورة والجميلة أو حتى للاسم الذي يعجبنا أو اسم العائلة التي بالكاد سمعناه أو نتعرف عليه لأول مرة ؟ نقول للمرشحين ننتظر منكم أن تعلنوا وبسرعة عن برامجكم قبل أسمائكم أو صوركم لكي نعرف من أنتم, وخاطبونا بعقولنا لتحملوا آلامنا وآمالنا ولتكونوا عيوننا على أداء الحكومة, ولتساهموا بإزالة تراكمات مجحفة بحق المواطنين من قوانين وممارسات إدارية خاطئة.