علي عرسان : إلى رغد صدام حسين في ذكرى الراحل الكبير
رَغـِـِدَتْ بِهِ " رَغـْـد ٌ " وظلّ رَغيدا
والعِيد ُ كانَ ولا يَزَال ُ سَعِيدا
لا يَشمَتنّ بها الخِـفافُ إذا رأوْا
شيخا ً وحيداً أثقلوهُ حَديدا
فمِنَ البَداهةِ أن يكونَ مُقيـدا
ومن الشجاعةِ أنْ يكونَ وحيدا
لو لم يكنْ صَدّامَ ما حَفلوا بهِ
كلا ، ولا شَدّوا يَديْه قيودا
حتى إذا وقعَ القضاءُ تحَلــّـقتْ
من حول ِ نعليْـهِ الجباهُ حُشودا
يكفيكَ أنكَ كنتَ " فوقا ً" والألىَ
رفعوكَ " تحتا ً" والعظامُ عبيدا
ظنوا بأنكَ خامدٌ ، وتجَمّدَتْ
جَزعاً دماؤكَ واسْتحلنَ جَليدا
أللهُ أكبرُ إذ ْ وقفتَ كأنما
عامودُ نار ٍ ما استزادَ وَقودا
فعَمُوا وصَمّوا ثم ّ بعدَ ترَقب ٍ
بَدّدْتَ صمتَ وُجومِهمْ تبديدا :
" هذي المراجلُ " لم يُجيبوا . خـُشّع ٌ
وتزنـّـدوا لما ضَحِكت َ جُمودا
وقفَ القِصارُ يُطاولونكَ إنما
ما احتاجَ أُفـْـقـُـكَ أنجُماً وَسَريدا
ما احتاجَ عُنـْقـُـكَ وهْوَ يُشرفُ باسقا ً
عِقدا من النور البهيّ فريدا
ألله ُ مدّ إليك َ فجرا ً حَـبْلـَهُ
شوْقا ً لتصعدَ سيدا ً وشهيدا
إصْعَدْ لعَمْرُكَ إنّ عُمْرَكَ عامر ٌ
عُمُرا على عُمُر ِ الزمان ِ مَديدا
" ميكال ُ " أكملكَ التشَهّدَ صادِحا ً
رعـْـداً يُرَتله ُ السّحابُ نشيدا
لتـَضوع َ مِسْكاً في الهواء مُنشّـَرَا ً
وتفوحَ " ندّا ً " في الترابِ و" عُودا "
****
أرثيكَ كيفَ ولم تزلْ مَوْجودا
هل كنتَ يوماً مُذ ْ رُفِعت َ فقيدا
هي أُمّة ٌ رغـَّاءة ٌ رغــَّامة ٌ
فيها استناخَ الواقفونَ قعودا
أ ُفردْت َ في حر الهجيرةِ بعد ما
ظلـّلـْت َ نخلَ الرافديْن ِ عقودا
وَقضَيْت َ بـ " الفوتيك ِ " عُمْرَكَ واقفاً
طوْدا ً لتحرس َ موطناً وحدودا
تنأى قريباً من خطاكَ مُلاصقاً
للموتِ وَهـْوَ يَصُدّ عنكَ صُدودا
لا كالعباءاتِ التي ما رَفرَفتْ
للريحِ إلا كيْ تطير َ بعيدا
شاهتْ وجوهٌ باسراتٌ ذِلة ً
راحت ْ تـُصَعـّـرُ للأكُف ّ خدودا
باعوا البلادَ معَ العبادِ نذالة ً
واستبدلوا قرْآنهم ْ " تلْمودا "
وأتى زمانٌ إبنُ كلبٍ أخرسٌ
فيه افتقدنا الشجبَ والتنديدا
زَمَنُ " الرّويْبضة ِ " الذي في عمْرهِ
ما قال رأياً في الحياة ِ سديدا
نـَصَبَ الحُفاة ُ عصا الوضاعة ِ " سُلـّما "
" يبغونَ " حِصنا في الهواءِ مَشيدا
مَن عَلـّـمَ المُسْتصْعِدينَ بأنّ في
" بُرْجِ النعال ِ" كَرَامة ً ووجودا
حتى إذا الطوفانُ جاءكَ لاهثا ً
من حَرّ رمضاءِ العراقِ بَرودا
من ذا الذي إلاك َ أطفأ بَرْدَهُ
وبنى عليه من الجحيم ِ سُدودا
يغشاك َ موجٌ فوْقَه ُ موْجٌ على
موج ٍ على حوْض ِ " الترابِ " وَرودا
فسقيتَـَهُ من نار دجلة َ لفحَة ً
سوداءَ كان مِزاجُها بارودا :
ما كلُ مَنْ قادَ الجَحافل َ قائدا ً
أو كلُّ مَنْ عَـقـدَ اللواءَ عقيدا
زرعوا حَواليْكَ الصحارى " غرْقدا "
مُسْتعرِبينَ أعاجما ً ويهودا
فدفعتَ كالإعصارِ زٍنـْدَكَ " منجلا ً "
تذروهُ كفُـكَ قائما ً وحَصِيدا
وَغرَسْتَ بأسا في الإسار ِ فأنبتتْ
في كل حرٍ في العراق ِ زنودا
وبنيتَ - نعلمُ - كم بنيت َ مصانعا ً
وزرعتَ - نشهَد ُ - كم زرعت َ ورودا
بغداد ُ تقسم ُ بعد رَشْدِكَ أنهُ
ما كان هارونُ الرشيدِ رشيدا
مِنْ أيّ شَمْس ٍ صيغ وجْه ٌ فالق ٌ
للصبح بُشـِّر َ جنـة ً وخلودا
ما خط ّ كف ُّ الموت ِ لاسمك َ ضِدَّهُ
لكن : " حُسيْنا ً " مثلَـَه ُ و " مجيدا "
رَغـِـِدَتْ بِهِ " رَغـْـد ٌ " وظلّ رَغيدا
والعِيد ُ كانَ ولا يَزَال ُ سَعِيدا
علي عرسان