في السجال بين عباس - أبو مرزوق

تم نشره الخميس 03rd كانون الثّاني / يناير 2013 12:44 صباحاً
في السجال بين عباس - أبو مرزوق
عريب الرنتاوي

 

في الحديث عن “حل السلطة”، نسجل على الرئيس الفلسطيني محمود عباس “مأخذين” اثنين..الأول، أن أحداً لم يعد يأخذ تهديداته على محمل الجد، لفرط التلويح بها من دون فعل يذكر..والثاني، قوله بتسليم مفاتيح السلطة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، فالأصل أن يسلم الرئيس الأمانة لمن عهد بها إليه، وهو هنا الشعب الفلسطيني الذي اختار عباس لرئاسة السلطة، وعبر صناديق اقتراع نظيفة.

في “المأخذ” الأول، أظهر الإسرائيليون أكثر من غيرهم، ميلاً للاستخفاف بتهديد الرئيس عباس، حتى أن وزير الخارجية المستقيل أفيغدور ليبرمان، لم يتورع عن الرد بسخرية قائلاً: نتطلع لذلك، وسنواصل مع غيرك..وبرغم الطابع الاستفزازي العدائي الذي يليق بزعيم “إسرائيل بيتنا” والرجل الثاني في الائتلاف الذي سيشكل حكومة إسرائيل المقبلة، إلا أن الحقيقة التي لا تخطئوها العين المجردة، هي أن أحداً في إسرائيل لم ترتعد فرائصه لهول التهديد والوعيد الفلسطينيين.

أما في “المأخذ” الثاني، فإن حل السلطة، كما إقامتها، ليس قراراً فردياً لا من الرئيس عباس ولا من الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات..هو قرار المؤسسات الفلسطينية، ولقد تكرست السلطة في انتخابات عامة، تشريعية وبلدية ورئاسية متكررة، ما يعني أن بقاء السلطة أو حلها، هو قرار الشعب الفلسطيني وليس قرار رئيسه، والعودة للشعب لتسليمه “المفاتيح/الأمانة”، هو الخيار الوحيد الصائب، أياً كان شكل القرار ومضمونه في هذا المضمار.

لكن أغرب ما صادفنا من ردّات فعل على تصريحات الرئيس عباس لـ”هآرتس”، تلك التي صدرت عن الأخ موسى أبو مرزوق، الذي حمل على مواقف الرئيس، محبّذاً لو أنه عرض تسليم مفاتيح السلطة لحماس بدل نتنياهو..الأمر الذي يطرح سؤالاً كبيراً..هل نحن أمام “زلّات لسان متبادلة”، واحدة عن “أبو مازن” والثانية عن “أبو مرزوق”، أم أننا أمام سياسات ظاهرة ومضمرة، تقر أولاها بأن السلطة “صنيعة” إسرائيلية، و”ملكيتها الفكرية” تعود لنتنياهو، فيما تشفّ ثانيتها عن رغبة حماس في وراثة فتح والسلطة، حتى وإن تم ذلك في كنف الاحتلال والاستيطان، بل حتى وإن بقيت للسلطة وظيفة واحدة، توفير جدار عازل ثانٍ بين الاحتلال والاستيطان من جهة والشعب الفلسطيني من جهة ثانية..ونعجب من المفارقة المؤسفة التي يتكشف عنها هذا السجال: إذا كانت السلطة قد تحوّلت إلى رداء ضيق على فتح “المُستسلمة”، فكيف تعرض حماس “المُقاوِمة” ارتداءه والتدثّر به؟.

عباس ما ضاق ذرعاً بالسلطة، إلا بعد أن كفّت عن ان تكون “مشروع دولة ونواة لها”..وهو يتجه للاقتناع، وإن متأخراً، بأنها باتت وسيلة لإدامة الاحتلال وخفض كلفته، وهي في مطلق الأحوال، إدارة ذاتية منقوصة للكثافة الفلسطينية، وستار عازل بين الشعب ومحتليه والمستوطنين على أرضه..فهل هذه هي السلطة التي تريد حماس أن ترثها من فتح وعباس، وماذا ستفعل بها؟..هل حقاً يمكن لسلطة هذه شروطها، أن تكون أداة للمقاومة والتحرير وطريقاً للحرية والاستقلال، أم أن المهم لحماس، أن ترث السلطة وتدير المجتمع والسكان، فيما يشبه دولة الحدود المؤقتة، أو الحل الانتقالي بعيد المدى، أو التهدئة المفتوحة على السنوات والأجيال؟.

تصريحات الرئيس عباس، تندرج في سياق “اليأس” من مشروع السلام وخيار المفاوضات، وهي تعبير عن مأزق هذا الطريق..وكنّا نظن أن حماس ستدعو فتح وعباس لحوار وطني للبحث في مستقبل السلطة من ضمن استراتيجية استنهاض للحركة الوطنية الفلسطيني والمشروع الوطني الفلسطيني..أما أن تكون الدعوة، في ظاهرها وجوهرها، إحلال حماس محل فتح، أياً كانت الظروف والشروط والسياقات، فذلك ما يثير القلق والشكوك، ليس في مستقبل الخيار التفاوضي فحسب، بل وفي جدية وجدوى الخيار المقاوم كذلك، ويطرح أكثر من علامة استفهام حول ما يتردد عن استعداد “إخواني” عموماً لطي صفحة القضية الفلسطينية لسنوات عشر أو عشرين قادمة، تبدو ضرورية لتمكين الإخوان من إحكام سلطتهم التي وصلوا إليها مؤخراً في عدد من الدول العربية، سيما وأن سجال عباس - أبو مروزوق، تزامن مع تصريحات إشكاليه لعصام العريان، أرجع فيها سبب هجرة اليهود المصريين إلى إسرائيل للزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، وطالب بعودتهم لمصر فيما يشبه “التزلف والنفاق” للغرب وإسرائيل وفقاً للتعليقات المصرية على هذه المواقف المؤسفة.

بصرف النظر عن مصائر السلطة ومآلاتها، فإن النقاش حولها يظهر مدى تردي المشروع الوطني الفلسطيني، وانغماس الفصائل الأساسية في لعبة السلطة بدل “المقاومة”، مثلما يظهر استخفاف الجانبين بالرأي العام الفلسطيني.

( الدستور ) 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات