فيديو الرعب

تم نشره الجمعة 04 كانون الثّاني / يناير 2013 02:55 صباحاً
فيديو الرعب
حسام عيتاني

رغم أنه ليس الأكثر دموية، ولا الأشد وحشية بين فيديوهات «تسرِّبها» أجهزة النظام السوري، حظي المقطع الذي يظهر فيه جنود مؤيدون لبشار الأسد يقتلون مدنيين عزّلاً، بانتشار واسع وأثار ضجة وجيهة الأسباب.

قبل تناول أسباب الانتشار و «التسريب» المقصود، يمكننا الحديث عن الشخصيات المشاركة في المقطع الذي تتناقله مواقع الإنترنت منذ أيام:

هناك أولاً الضحايا: يجمع الجنود ستة أو سبعة شبان داخل ما يشبه أنقاض مبنى تعرض للقصف. يُبعدون أربعة أو خمسة، لسبب ما، ويحتفظون باثنين، وسط الشتائم واتهامهما بأنهما من «جماعة (عدنان) العرعور».

ونرى أيضاً من سنسميه «الشبيح»، بنظارتين سوداوين ولحية وقبعة «بيزبول». يبدو الرجل كخلاصة لثقافة التمييز بين السوريين: ثقة مفرطة بالنفس، لهجة مميزة هي لهجة الساحل، ثم... عنف بالغ حيال الضحيتين مع لامبالاة واضحة أثناء طعنهما وضربهما بحربته وبالأحجار التي ألقاها عليهما.

الشخصية الثانية، الأقل أهمية، هي «الجندي» المعتمر خوذة والمشارك من دون نفس تقريباً في تشطيب الضحيتين وفي ضرب رأسيهما بالحجارة، كواجب من واجبات الجندي في «الجيش العقائدي».

أما الثالث، «أحمد» أو «أبو حميد»، فالأرجح انه الأدنى رتبة أو ذو الخلفية الاجتماعية الأبسط والأكثر تواضعاً. يفرط «أبو حميد» هذا في الطعن والشتم ويحمل الأحجار الأكبر لرميها على الجثتين، اللتين انطرحتا أرضاً بعدما فارق صاحباهما الحياة. ولعل الجندي هذا المعتمر قبعة تشبه قبعات صيادي الأسماك، من النوع الذي سيبكي إذا وقع في أسر أعدائه، وسيقسم لهم أنه يعيل عائلة عديدة الأطفال، وأنه يكاد لا يستطيع توفير الدواء لأمه. إنه أبله المجموعة، الذي يُكلَّف بأقذر أعمالها وأصعب الخدمات لأعضائها، وهو الذي سيثير الاحتجاج إذا أعدمته مجموعة متطرفة كـ «جبهة النصرة» برصاصة في الرأس بعد أسره.

الرابع أثار لغطاً، بعد ارتفاع أصوات تقول إنه ينتمي إلى عائلة البرّي الحلبية (السنية) التي أردى عناصر من «الجيش الحر» أفراداً منها بعد اعتقالهم في المدينة، وهم ممن استباحوها وأذاقوا أهلها الذل ألواناً في عهدي حافظ وبشار الأسد. بيد أن ناشطين كثراً شككوا في صحة هوية الرجل ونسبوا التعرف إليه إلى عمل الأجهزة التي وزعت الشريط لإضفاء المزيد من الارتباك على ظروف الجريمة ولوضعها في إطار «سياسي» يتجاوز الانقسامات الطائفية، بعدما دلت لهجة الجنود الواضحة على المنطقة التي يتحدرون منها، ذات الأكثرية العلوية.

الخامس هو المصور، الذي لم يكن وحيداً على ما يشير ترحيب الجنود به بعبارة «أهلاً بالشباب». هو المنفذ للعمل الأصعب، نقل وقائع الجريمة بأصوات منفذيها، وربما نشر الفيديو عبر شبكة الإنترنت على شكل «تسريب» من الشبيحة.

أما الشخصيتان الأخيرتان، فهما الضحيتان، اللتان بعد حوار قصير مع «الشبيح» في أول الشريط، وقفتا تتلقيان الطعنات والضربات بهدوء مذهل، ولم تصدر عنهما سوى بعض الصرخات والأنات. لم ينتفضا، لم يحاولا الهرب، ولم يقاتلا... رغم أن يدي أحدهما ظهرتا أثناء حواره مع الجندي. لم يرفسا القتلة، بل استسلما، كما يليق بأبناء الشعب أن يستسلموا لحراب القتلة، وكما يليق بـ «الجماهير» الخضوع لمندوبي القائد الخالد وممثليه الحقيقيين.

والحال أن الاستنتاج الأسرع يقول إن مقطع الفيديو منشور عمداً لزيادة علو الحاجز النفسي بين الفئات السورية ولاستدراج مجازر انتقامية تتيح للنظام استجداء النجدة دفاعاً عن الأقليات المهددة، والتي يزعم أن النظام قد حسم خياراته وهو ماض فيها حتى سقوطه، ملقياً كرة النار الطائفية بين أيدي معارضيه. ( الحياة اللندنية )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات