المستريحي يكتب : صلاة الجنازة على الانتخابات والإصلاحات!!
المدينة نيوز - خاص - كتب: محمد المستريحي
إن البلاد تعيش "دجلاً" ليس بعده وقبله إلا دجل يليه دجل، إنهم على الأبواب يتوشحون كفاءات مزيفة أورثها الغياب الرسمي لمن شاء تبجحاً على المستوى الوطني.. نفس الأشخاص ونفس "المصطنعين" ونفس الأساليب القديمة تكرر ذاتها كبديل عن نفسها، في تأزيم لوضع مفتوح على "غضب" كامن ومتراكم، لا الحكومة ولا "الأجهزة" تريد أن تعي فحواه، لكن ولأننا في زمن العجب و"العجن" فإن الحالة هائلة بالوارثة، لن تخرج مِن منطق المكابرة ومواصلة التسوق على حساب متاهة وطن ومواطن، وعلى مستقبل لم يعد يعني أحداً بعد أن استقال و"استقل" الشعب عن "عشبهم" وعيشهم، ورغم أن الوضع خطير بشكله الإقليمي والمحلي وأننا على "فوهة" بركان و"إنسان" خارجي متربص بنا، إلا أن ما هو ثابت على الأبواب وعلى "الأنياب" المحلية، أن لا أحد يعتبر أو يقرأ الدروس.. إنهم في "غيهم" الرسمي ما زالوا يصطنعون الغياب، وكأنهم "دونكيشوت" الذي يضرب بسيفه عشرة فيسقط ألف وألف كذبة وطاحونة!.
ثمة إشكالية موضوعية نواجهها ونحن نستعرض الساحة المحلية التي تشهد عراكاً إنتخابياً غير مُراقب وخارج السيطرة، ويُشكّل عيباً وعبئاً إضافياً يمكنه أن ينسف أي تقدم محتمل، والحكومة و"الأجهزة" عن بكرة "سلالتها"، والمخططين لانتخابات تليها انتخابات، لا يحق لهم أن يزايدوا علينا ببضاعتهم الكاسدة، حيث تنقضي فرصة أخرى للتغيير والاستدراك، وينطلق العد التنازلي لمسلسل "هيشكوكي" قديم جديد، بلا إثارة ولا حتى مفاجأة، في حلقات متطابقة أبطالها زُجَ بالكثير منهم في المعركة الخطأ، يصعب كثيراً الجزم بأنهم يؤمنون بأهلية استحقاقهم لذلك!.
لا نبالغ، فطبول الحرب والنزال والتقاذف بالأعراض و"الأغراض" السياسية وغيرها مِن المشتقات التي تُقرع على هامش الملعب الإنتخابي المفتوح على "التسوق" العام، يؤكد أننا تجاوزنا مرحلة التنافس ووصلنا حد "التناهش" و"الترافس"، وكشفت فيما "كثفت" أنه لا نية للاعتبار مما جنته علينا المهازل السياسية المستنسخة مِن الإسراف المزمن في التلاعب بالإنسان والزمان والمكان، فإن "المخلوقات" المترشحة تبقى الثابت الأوحد، لتقمص الدور نفسه في نفس مساحة العبث والمسرح الرسمي المتعارف و"المتعالف" عليه، عن بكرة جدهم وأبيهم وأمهم وأخيهم، الموجود والمجرود على مستوى ساحات قتالهم الخاوية الوفاض، فهم سادة الموائد وسادة الدسم والنهم والنهب، يعرفهم الأردنيون واحداً واحداً، ويحفظ تاريخهم ناصع الإفلاس، فبعضهم لا يُفرّق بين الخل وزيت الخردل وما بين عصا المضرب وعصا الراعي وكرة السلة من كرة اليد وما بين الإبرة والمسمار!.. لكنهم ووفقاً لقاعدة "أهل مكة أولى بثمارها"، فإنهم ما ظلموا أنفسهم في تشبثهم بحق "البقاء" إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها!.
إن الحكومة، بشكل أو آخر تآمرت حين لم تنفخ هذه المرة على الأقل في السراب، إلا أن الثابت في القضية أنها –أي الحكومة- نجحت لأول مرة في التميز، حين اكتفى رئيسها وطاقمها و"خادمها" بالتفرج على "السيرك الانتخابي" كأي "شاهد عصر" على اغتيال إنتخابات يبدو أن الأجهزة المعنية لم تؤمن بها، وما سمحت بقيامها إلا لإسقاط الواجب الانتخابي والحيلولة دون الوقوع في محذور حرمة الترك ليس إلا، وشتان بين أداء الواجب وإسقاطه، فـ"كفر" الشعب بهكذا إنتخابات تباعاً وزهدت فيها أحزاب رئيسية ومحورية ومعها كيانات سياسية وشعبية أخرى لحاقاً دون أحزاب التدوير، فإنه بذلك تكون الدولة ومعها المُنتَخَبين والناخبين والطبقة السياسية قد خسروا شوطاً آخر مهم وفي ظرف حساس في مسار الديمقراطية، وتكريس المزيد من التأزيم والمعاناة والتيئيس وإهدار المزيد من الوقت في إرجاء آجال تقصر أو تطول!.
نجزم أننا كمجتمع ودولة نحتاج إلى إعادة صياغة.. فالجميع أفلس.. والدليل أن الوطن لم يعد "يحبل" إلا بالخطايا والخطائين، والمخططين لانتخابات تليها انتخابات.. هذه هي الحقيقة المُرة التي لا نريد، إنها حقيقة فشل مسار كامل ضاع فيه المواطن الأردني، ومكمن الخطورة بهذا التدني الكبير الذي أوصلونا إليه هو مصير مجمل الإصلاحات "والإسلاخات" التي ينادي بها الأردنيون منذ ما يزيد عن سنتين، ولم ينجح فيه إلا "تجار الحاويات" ممن حولوا البلاد الى "بازار خرده" لا يحتاج لمثقفين ولا علماء ولا مفكرين!.
يا جماعة اتقوا الله في البلاد والعباد.. فالعبث تجاوز كل معطوب ومغلوب على أمره.. ولم تعد هناك أي إضافة تُذكر في يوميات مواطن مغلوب على أمره لم يتردد في الجهر بكفره بكل ما يرمز للانتخابات، وحكاية صوتك أمانة في "عرقك" وغرقك وعنقك.. ولم يبق ماء وجه يحفظ للوطن والمواطن حياءه.. يكفي أيها السادة.. فقد اكتفينا بما يكفي الكفاية ذاتها.. وصلوا صلاة الجنازة على الإنتخابات والإصلاحات!!.