المال السياسي يضرب في المناطق الفقيرة والمهمشة

تم نشره الأحد 06 كانون الثّاني / يناير 2013 01:40 صباحاً
المال السياسي يضرب  في المناطق الفقيرة والمهمشة

المدينة نيوز - يقرّ مراقبون للشأن الانتخابي بتسرب المال السياسي، إلى عروق العملية الانتخابية لمجلس النواب السابع عشر، والتي انطلقت الدعاية الانتخابية لها في الثالث والعشرين من الشهر الماضي، راصدين دورا لافتا لرأس المال في تشكيل عدد من القوائم الانتخابية، وفي عمليات لشراء الأصوات.
وتظهر ملامح المال السياسي في المناطق الفقيرة والمهمشة بصورة أوضح، وذلك عبر قيام مرشحين وأعوانهم بحجز بطاقات انتخابية لمواطنين، مقابل مبالغ مالية محددة، وكذلك في توظيف وشراء خدمات من مواطنين، للحصول على أصواتهم.
كما بات لافتا ظهور ما يسمّى بـ "الأيام الطبية المجانية وحملات التبرع الخيري"، وغالبا ما تقام معظمها تحت مسوغات ظاهرها إنساني، وباطنها انتخابي، وكلها تؤثر سلبا على الإرادة السياسية للناخبين في حرية اختيارهم لمرشحهم.
الحكومة تؤكد، وعلى لسان الناطق الرسمي باسمها وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال وزير الثقافة سميح المعايطة، انه لا يوجد ما يسمى بالمال السياسي، وإن ما يدفع للناخبين مقابل الأصوات هو رشوة، ومخالفة تخل بنزاهة العملية الانتخابية".
وأضاف انه "كلما أضعفت صورة المجلس النيابي القادم، اضعف حماس الناس للانتخابات، والحكومة دورها دعم الهيئة المستقلة للانتخاب، والعملية الانتخابية برمتها، من خلال التعاون التام مع الهيئة، لكبح جماح هذه الظاهرة".
ولفت المعايطة إلى أن ما يضبط عمل الحكومة والهيئة المستقلة "هو القانون"، متحدثا عن بعض المعيقات العملية في آليات ضبط بعض الممارسات التي يمكن أن تصنف بالمال السياسي.
وقال المعايطة "نسمع عن ممارسات في هذا السياق، لكن لا يمكن ضبطها، حيث يقع عبء الإثبات فيها على المشتكي" مؤكدا ان "الحكومة تعمل على معالجة هذه الظاهرة، وهناك توجه بهذا الأمر، والإرادة السياسية واضحة بهذا الخصوص".
وأشار إلى أن المشكلة، في واقعها، "اخلاقية"، وقد "حذرت منها الحكومة عبر وسائل الإعلام، وإصدار الفتاوى من علماء المسلمين والمسيحيين".
وأهاب المعايطة بالمواطنين "التبليغ عن الحالات"، التي تتم، حيث ترصد الحكومة أي حالات مشتبه بها، وتقوم بمتابعتها. وقال "هذه القضية حساسة تتعلق بنزاهة العملية الانتخابية".
وحول وجود اتهامات للحكومة بغض الطرف عن التجاوزات، لرفع نسبة الاقتراع، قال المعايطة "هذا موضوع غير مطروح". وقال "لا تقلقنا نسبة التصويت، وهي خيار للناس، إذ أن معيار الانتخابات الحقيقي هو مدى تفاعل كل من الهيئة المستقلة والناخب والمرشح مع العملية الانتخابية".
الناطق الرسمي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب حسين بني هاني يصف المال السياسي بأنه "مال فاسد"، وقال "نحن في الهيئة نعمل على تقديم الشكاوى، المشفوعة بوثائق وبيانات تثبت أن هناك مالا فاسدا، يجري ضخه في عروق العملية الانتخابية، الى القضاء".
وأضاف "لم يتقدم أي أردني بشكوى، وبيديه وثائق تدلل على استعمال المال الفاسد في الانتخابات"، لافتا الى أن الهيئة لم تحل إلى القضاء "إلا حالتين، هما حالة نائب سابق، وموثقة بشريط فيديو، إضافة إلى سيدة في محافظة البلقاء، تم ضبطها عن طريق الأجهزة الأمنية، وكلاهما أحيلا إلى القضاء".
من جهته، أكد مدير التحالف المدني لمراقبة الانتخابات "راصد" عامر بني عامر أن "المال الحرام" يجري في عروق العملية الانتخابية، مشيرا إلى أن "راصد" كشف عن تقنيات جديدة يستخدمها المرشحون للانتخابات، وهي عبارة عن عقود عمل لمدة شهر، حيث أصبحت هذه الآلية "منتشرة في جميع مناطق المملكة".
وفصّل بالقول "يعمد مرشحون إلى توظيف أشخاص في حملاتهم الانتخابية، لمدة شهر بمبالغ تصل إلى 500 دينار، يقوم الموظف بموجبها بإحضار 15 ناخبا عند الاقتراع، لانتخاب المرشح الذي أبرم معه العقد"، إضافة إلى "استئجار سيارات وباصات لمواطنين لمدة شهر، بمبالغ تتراوح بين 500 وألف دينار، مقابل إلصاق البوستر الخاص بالمرشح على السيارة، وإحضار أفراد عائلته للاقتراع لصالحه".
ولفت بني عامر إلى أن هذه الإجراءات "قانونية، ولكنها تصب في إساءة استخدام المال الانتخابي في الانتخابات".
وعزا بني عامر ذلك إلى عدم تحديد سقف الدعاية الانتخابية في القانون، باعتبار الأموال التي تدفع للمواطنين جزءا من الحملة الانتخابية.
وقال ان التحالف "يحضر لاقتراح سيقدم للهيئة المستقلة للانتخاب حول حجز البطاقات الانتخابية، سيتم الإعلان عنه قريبا، ومن شأنه أن يحد من ظاهرة حجز البطاقات الانتخابية".
من جانبه، لفت تحالف نزاهة لمراقبة الانتخابات إلى أن ضبط عملية بيع وشراء الأصوات "بالغة الصعوبة، لأنها غالبا ما تتم في الغرف المغلقة".
وأوضح التحالف بأن إساءة استخدام المال السياسي "يكون ببيع أو شراء الأصوات نقداً أو عينياً، إضافة إلى تمويل الحملات الانتخابية للقوائم".
وأضاف "بأن الوضع الشرعي للمال السياسي يكون بدعم جماعات قانونية لها مصالح انتخابية لمرشح ما، إضافة إلى حملات التبرع لحملات انتخابية معنية".
فيما يؤكد المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الانسان موسى البريزات انه "لا يوجد ما يسمى المال السياسي، وانما هي رشوة مجرمة بموجب القانون، تدفع للناخب ثمنا للصوت الانتخابي، خلافا لما يدفعه المرشح من جوانب انفاق تشمل البوسترات والمؤتمرات والندوات دون ان تصل بشكل أو بآخر إلى جيب الناخب".
وأضاف البريزات انه يفترض بالحكومة "المتابعة والرصد والتوثيق، وان لا يقع عبء الإثبات في الرشوة على المشتكي، إذ أن الدولة لها وسائلها وأجهزتها التي تمكنها من ذلك".
وأشار إلى ثغرات في قانون الانتخاب "تمكن المرشح من النفاذ عبرها وهي غير مشمولة بقانون الانتخاب.
واعتبر أن عدم تعاون الهيئة المستقلة مع الحكومة "يفسد نكهة الانتخابات"، وهي عملية وطنية يجب أن "لا تشوه ويطعن فيها اخلاقيا او معنويا، لانها ترتد بالإساءة إلى الأردن ككل".
ويقول الوزير الاسبق لتطوير القطاع العام ماهر المدادحة "ان هناك حديثا واسعا عن استخدام المال السياسي، سواء عن طريق حجز البطاقات الانتخابية او شراء الأصوات، وهو مخالف للقانون"، كما لفت الى انه يتم "عن طريق تقديم الخدمات العينية بقصد الحصول على خدمات بمناطق معينة".
واضاف "مما يؤسف له أن الحديث يدور بين جميع فئات المجتمع، وأصابع الاتهام تؤشر إلى بعض الكتل والأشخاص بشكل كبير جدا، وهو شكل من اشكال الرشوة وتزوير لإرادة الناخبين".
ودعا المدادحة الهيئة المستقلة للانتخاب إلى كبح جماح هذه التصرفات، وانتشال العملية الانتخابية من مستنقع المال السياسي الفاسد، وهذا من شأنه ان يشكك ويطعن في العملية الانتخابية برمتها".
ويشاطر المدادحة في رأيه وزير الزراعة الاسبق تيسير الصمادي، ويقول "ان المال السياسي استغلال لارادة الناخبين، وهو تزوير تلجأ له قوائم او أحزاب أو أفراد، للظفر بأصوات الناخبين عبر دفع مبالغ مالية او تقديم خدمات".
وأشار إلى أن ما يتم حاليا "ينم عن عدم رغبة الحكومة في البحث عن دلائل، أو لعدم البحث عن تلك الجهات التي تتاجر بالمال السياسي، لرفع نسبة التصويت في الانتخابات، بغض النظر عن حضور الناخبين في مناطق الاقتراع".
واعتبر ان هذا "ليس خطأ بل خطيئة، لانه لا يسهم في دعم الحياة السياسية بل سيؤدي الى وصول قوائم واحزاب ليس لديها برامج عملية وقابلة للتطبيق وقادرة في تغيير إرادة الناخبين.
وبين أن عملية بيع الأصوات والتزوير في الانتخابات تنعكس سلبا على المواطنين الذين لن يجدوا هؤلاء المرشحين في حال نجاحهم لأنهم يكونون قد قبضوا ثمن أصواتهم.
وحول مخاطر توظيف المال الانتخابي قال المحامي والناشط القانوني مصطفى النظامي "إن من أبرز المخاطر التي تترتب على التوظيف الخاطئ للمال السياسي في الانتخابات هو انه "يساهم في عدم تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين، حيث يكون المرشح الذي يدفع المال صاحب الفرصة الكبرى للفوز". معتبرا أن "ذلك استخدام للمال في شراء ذمم الناخبين، والتأثير على توجهاتهم، في الوقت الذي يتوفر فيه منافسون له أكثر كفاءة وشعبية منه".
وأضاف النظامي أن "النتيجة والمنتج سيكون فاسدا، لأن سياسة المجلس البرلماني ستكون محكومة لمنطق فاسد، لأن كل ما تأسس على الفساد لا تنتج عنه إلا سياسات فاسدة".
ولفت الى أن الذين "يصلون للبرلمان عن طريق المال الحرام هم بالضرورة لا يحتاجون للتواصل مع الناخبين، ولا يهمهم مراعاة مصالحهم والدفاع عنها، وينحازون لمصالحهم ومصالح الطبقة التي رعت تمويل حملاتهم الانتخابية، وموَّلت فوزهم". وقال إن "أخطر التأثيرات يكون من خلال نزع الثقة الشعبية في البرلمان".

الغد



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات