شاهد على العصر من عمان!!
ليس إعصار ساندي الذي ضرب الولايات الأمريكية، وليست زلازل اليابان ـ لا سمح الله ـ الكارثية، ولا براكين السلفادور الملهبة والنارية، بل منخفضاً جوياً أنعمه الله علينا لكي لا تفرض علينا حكومتنا العتيدة ضريبة الجفاف السحرية. تعوّد الأردني أن يشاهد عاصمته "عمان" وردة جميلة شامخة يستنشق الجميع من عبيرها بدون استحياء؛ لأنها عمّان التي تغنّى بها العظماء، والحكماء، لا بل نسج خيوط جمالها الشعراء.
إذن "عمّان" غرقت والمتهم مجهول الهوية، الكل تهرب من المسؤولية، والكل حمّل المسؤولية للظروف الجوية، وتناسوا غيوم عمان الملبّدة بأمطار الخير، والحرية، إذن طارت القضية، كما تطايرت الكثير من القضايا التي أرهقت الدولة، ومزّقت وحدتها الشعبية، تعود المسؤلون أن أمطار الخير تتندر في فصل الشتوية، لأن أخطاء بعض العباد تجاوزت حدودها الوطنية، فأصبحنا نفكر بمشاريع تدرّ علينا من الأرباح الخيالية، حتى لو أنها أطيحت من أول كارثة طبيعية.
الحكاية بدأت من شوارع عمّان التي صفق المسؤلون لها كثيراً، وهم يحتفلون بافتتاحها، لا بل تسابقوا وهم يلتقطون الصور التلفزيونية، لكي يزيحوا تلك الستارة المقصّبة بالخيوط الذهبية، التي تخفي في ثناياها انجازاتهم الحضارية، لا أعلم ماذا افتتحوا هل هي شوارع هوائية تتقاذفها أمطار الخير الشتوية، أم ممرات مائية من أجل السباحة المحلية، بقدرة قادر المصارف فقدت قدرتها التشغيلية، ولم تعد قادرة على تحمل برودة الجو، وأعاصيرها المطرية، لذلك استسلمت للواقع وظروفه الجوية، لأنها وجدت وحيدة مع مركبات عمان الداخلية.
تعوّدت أقلامنا أن تكون رؤوسها لا تكتب إلا عبارات التبجيل، والتهليل، لكل وطني حريص على بناء الوطن ورفعته، أينما يحلّ ويرتحل، ولا مانع من أن يلتقط الصور التلفزيونية، ويتوشح بالأوسمة الوطنية، والمكافآت المجزية. لكن ستبقى أقلامنا تنتقد كل مسؤولاً، لا يقدرّ على تحمّل المسؤولية، لا بل يدافع عن انجازاته الوهمية؛ لأننا نحن الشعب الذي يدفع ثمن أخطاءكم التي تجاوزت حدودها الرقمية.