الممالك العربية بعيون اسرائيلية
المدينة نيوز - تواصل مؤسسات وجامعات إسرائيلية متابعة تطورات الربيع العربي، وتنشغل بمستقبل الأنظمة الملكية بدوافع أمنية وسياسية وأكاديمية. ويرى باحثون كثر في إسرائيل أن بقاء الأنظمة الملكية مرده تمتعها بشرعية بفضل تساوقها مع القيم الدينية والقبلية التي تميّز الثقافة العربية.
لكن يوآل جوجانسكي الباحث في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب يتحفظ على التفسير المذكور، ويشير إلى عوامل أخرى أهمها الثروة النفطية والمكانة الجيوسياسية بمعنى الدعم الخارجي لها.
ويتساءل في مقال نشرته صحيفة "معاريف" اليوم ولخص فيه محاضرة قدمها في مؤتمر بهذا الخصوص نظمته جامعة المعهد المذكور الاثنين الماضي، "هل كان مبارك أو بن علي سيسقطان بسرعة لو كان بحوزتهما آبار نفط بقيمة مائة مليار دولار؟".
كما يشير إلى أن السعودية وبقية الأنظمة الملكية في الخليج أنفقت منذ العام 2011 مليارات الدولارات لتمويل إصلاحات تشمل رفع أجور وطرح مبادرات جديدة وفرص عمل بهدف احتواء التمرد.
بالنسبة للأنظمة الملكية التي لا تملك نفطا، يرى جوجانسكي أن الأردن والمغرب حازتا على دعم مالي وسياسي دولي، إضافة إلى هبات من دول الخليج. ومع ذلك لا يستبعد أن تهب نسائم الربيع العربي على الأنظمة الملكية لتوفر عناصر ومسببات الثورة في دولها أيضا، كالفساد والبطالة لدى الشباب.
العصبية القبلية
محررة الشؤون العربية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" سمدار بيري تقول للجزيرة نت إن الأنظمة الملكية تعلمت دروس سقوط نظامي بن علي ومبارك في تونس ومصر.
وتشير إلى أن النظام الملكي في المغرب سارع مبكرا إلى إجراء إصلاحات، بينما بادرت السعودية بتوزيع الأموال، أما الأردن فقد بادر الملك بتغيير ثلاث حكومات ليظهر كأنه يحارب الفساد.
وتتفق بيري مع جوجانسكي حول دور الدعم الأجنبي، وتوضح أن الولايات المتحدة وفرنسا ندمتا على عدم حماية مبارك من السقوط، وتزعم أنهما يدعمان اليوم الأنظمة الملكية.
رئيس الموساد الأسبق إفرايم هليفي يتبنى التحليلات السابقة، ويتبنى الرأي القائل بأن الخطر ما زال يتربص بالمملكات العربية خاصة في الأردن.
وفي هذا السياق وجه هليفي في محاضرة نظمها معهد دراسات الأمن القومي الاثنين الماضي، أصابع الاتهام إلى إسرائيل التي حالت -بسبب مشاكل بيرقراطية- دون ازدهار العلاقات الاقتصادية مع الأردن، فساهمت في إضعاف نظامه الملكي.
الباحث المختص بالعلاقات الإسرائيلية العربية البروفيسور حجاي إرليخ يقر في تصريح للجزيرة نت بدور العامل المتعلق بشرعية الأنظمة الملكية النابعة من التقاليد العربية والإسلامية. لكنه يعتبر الأطر الاجتماعية التقليدية والعصبية القبلية القوية السبب الأهم لبقاء الملكيات العربية، لأنها توفر الاستقرار.
وللتدليل على رؤيته يستذكر إرليخ أن سقوط آخر ملوك مصر -الملك فاروق- عقب ثورة الضباط الأحرار عام 1953 تم لعدم وجود إطار قبلي حوله.
إرليخ الذي ينظر هو الآخر برؤية استشراقية، يتفق جزئيا فقط مع التفسير المتعلق باحتواء الغضب بتوزيع الأموال وتوفير فرص العمل، وينبه إلى أن الأردن لم يوزع الهبات على الشعب ولم يقلص نسب البطالة لكنه بقي.
كما يعارض التحليل القائل بدعم الدول الأجنبية، معتبرا ما يجري مسيرة اجتماعية داخلية فحسب.
ويتوافق مع مراقبين إسرائيليين كثيرين بأن مستقبل الأردن حيوي جدا بالنسبة لإسرائيل وللفلسطينيين، وهو ينعكس على الصراع.
رؤية أمنية
إضافة إلى ذلك، يوضح إرليخ أن هناك شأنا أكاديميا خلف انشغال جهات إسرائيلية -خاصة الجامعات- بمسألة بقاء أنظمة الملكيات وسقوط الجمهوريات.
لكن البروفيسور يورام ميتال رئيس معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة بن غوريون في مدينة بئر السبع، يكشف بوضوح أن انشغال مؤسسات كثيرة في إسرائيل بمثل هذه المواضيع جزء من رؤية رسمية ترى الربيع العربي تهديدا أمنيا سياسيا.
ويقول ميتال للجزيرة نت إنهم في إسرائيل يستصعبون إيجاد تعبير إيجابي لصعود قوى المجتمع المدني في التغييرات التاريخية التي تعصف بالشعوب العربية.
ويشدد على أن أوساطا واسعة في إسرائيل لا تقلق على مستقبل مسيرة السلام، وتفضل استمرار أنظمة استبدادية في الدول العربية كمبارك والأسد، وأنها تنظر إلى محيطها برؤية أمنية بالأساس.
ويتابع "بعض المؤسسات الأكاديمية تمنح الشرعية للرؤى المضرة هذه، وقلائل هم الأكاديميون الإسرائيليون الذين يطرحون رؤية مغايرة، وهذه لا تنعكس في المؤتمرات". " الجزيرة "