الأيادي الخفية
لا يستطيع أي مراقب أو متابع أن يشك ولو للحظة أن ثمة ارادة حقيقية مقرونة بتعهد شخصي ورغبة اكيدة كانت لدي جلالة الملك لإجراء انتخابات حقيقية ونزيهة تفتح الطريق لإستكمال الاصلاحات التي بدأت فعلا ، واستبشر الناس خيرا وتوجهوا للتسجيل للإنتخابات رغم شكوك البعض التي عززها موقف الإخوان المسلمين وتأكيدهم أن لا نزاهة متوقعة ولا شفافية في ظل قانون أبتر ، ومع هذا كان عدد المسجلين فاق التوقعات بسبب ثقة الناس بالملك وخوفهم على الاردن وحرصا على المستقبل لا سيما وهم يرون يوميا ما يدور حولهم في دول الجوار من قتل وتدمير وضياع واستباحة من قبل الطامعين وعلى رأسهم اسرائيل والذين يتكالبون مسعورين بمجرد ان ينفتح الجرح في أي جزء من العالم العربي .
وجرت الانتخابات تحت سمع وبصر الاردنيين والعالم ومنذ لحظتها الأولى لمس البعض التناقضات ثم عاش الناس الممارسات المعتادة من بيع الأصوات في السر والعلن وقارن الناس بين ما جرى يوم الانتخابات من خروقات بأشكال عديدة وما حصل من مسرحيات المال الأسود التي دفع ثمنها اشخاص لهم وزنهم فاستقر بهم المقام بالجويدة في خطوة ذكية لتحول الانظار نحو حدث جديد ليكون مدار حديث الناس بين شامت ومستبشر ومشجع ومصدق ومكذّب وفعلا نجح المشهد الأول ووقع الناس بالفخ وتوجهوا لصناديق الإقتراع واثقين وآملين بالنزاهة الموعودة.
كان رئيس الوزراء في لقاء مع بعض القيادات الاعلامية أكد على أنه واثق من نزاهة الانتخابات وان اية خروقات قد تحدث فهو سيتحملها بنفسه ويحملها على كاهله وأشار الى كتفيه ، وهذا دليل على ان الرجل ومن قبل الملك كانا على يقين بما يجب ان يجري على ارض الواقع .
ولكن ما حصل بعد التصويت وفي غرف الفرز ومن خلال الآلية التي يفترض انها تخضع لأعلى معايير الكفاءة الفنية فتحصل الأخطاء وتٌعزى لمرض رئيس لجنة مرة ومرة اخرى لانقطاع " النت " وثالثة لصعوبة العمليات الحسابية وعدم سهولة الجمع والطرح واستخراج النسب المئوية وكلها مبررات غير مقنعة ولا تقترب من الحقيقة بشيئ !!!
تُرى كيف يمكن تبرير وصول ورقة انتخاب ممهورة بختم وتوقيع صحيحين من البقعة الى شاشة احدى الفضائيات إلا اذا طارت الورقة من الصندوق الخاص بها او تم سحبها بواسطة حاوٍ ظليع بالسحر الأسود !!
وتُرى كيف تخرج النتائج مبكرا في دوائر خارج العاصمة ونهائية وبأرقام عالية لفائزين احتفلوا مبكرا بنجاحهم بالمناسف وبذات الوقت بعض دوائر عمان ظلت واقعة في حيص بيص وحيرة وضياع للوقت بدون اسباب مقنعة ؟ ناهيك عن فقدان صناديق بكاملها بدون توضيح وافٍ سوى اجابة من رئيس هيئة الانتخابات ان المعلومات غير مكتملة وجزوءة !
مواقع التواصل الاجتماعي حملت الكثير من التهكم والنقد وتولد لدى العامة أن التزوير أصبح جزءا من ثقافتنا الديمقراطية وطبعا اصابع الاتهام تتوجه مباشرة للدولة بكل مكوناتها وهنا المقتل فاذا كنا نثق بوعد الملك وقرأنا الفرح في عينيه وهو يستقبل فرق المراقبين الدولية ولمسنا شعوره بالسعادة لانجاز المهمة ! واذا كنا نثق بالحكومة التي واكبت العملية الانتخابية وبالهيئة التي لا نشك بنزاهتها مطلقا ، إذن من الذي يحيك في الظلام المؤامرة ؟ ومن هو الذي يعصي اوامر الملك ويتصرف على هواه ؟
ثمة ايادي خفية تعبث بالوطن ولا تريد له الخير ، فهل لدينا ارادة حقيقية لكشفها قبل استفحال الأمر والدخول في نفق المناكفات والخلافات والاتهامات بين افراد البيت الواحد ؟؟؟