تلبية إحتياجات المواطنين هي الحل
لم نتعلم جميعاً دولةً ومجتمعاً ومليكاً من الأزمة في الشارع الأردني ولم نترك لأنفسنا فرصة لرسم طريق للخروج من تلك الأزمة الخانة، فقد تركت الدولة بقانونها الأبتر الفرصة الكبيرة لعودة رجالات (ولا أعمم) كانوا شركاء في إدخال الأردن سياسياً وإقتصادياً وشعبياً إلى نفقٍ مظلم يقود إلى حوار طرشان وفوضى عارمة قد تنفجر في أي وقت ولا ضمانات لعكس ذلك وخاصة في ظل منطقة متأججة قد تعقدت كثيراً معالم الوضع فيها، وقد جعل هذا القانون المبتور المجتمع الأردني يلتف حول رجالات لإنتمائهم العرقي الذي لم يقتصر على العشائر بل شتى الأعراق، إلى جانب من إلتف حول من خدمه أو ذويه بوظيفة أو حل مشكلة أو التواسط في أمر وجل تلك الخدمات على حساب أشخاص أخرين أحق بتلك الوظائف و جلب خدمات قد تكون مناطق أخرى هي أولى بها، وقد يكون هذا النائب غير كفوء بثقافته القانونية المحدودة بالعمل البرلماني وقد لا يخلو من شبهات فساد أو أداء برلماني متدني لقرارات أشاطت غضب الشارع الأردني وبذلك عاد إلينا عدد لا بأس به من النواب السابقين ليشكلوا ثلث المجلس الحالي، إذن فما الغاية من حل المجلسين السابقين؟ ولن أدخل هنا في جدلية تدخلات الحكومة أو شبهات تزوير وتلاعب في العملية الإنتخابية لكني لا أنزه العملية برمتها في ظل دولة حسبت نسبة المشاركة من عدد المسجلين والحاصلين على بطاقات إنتخابية فقط متناسية عدد من يحق لهم التصويت وبذلك تكون النسبة الحقيقية مختلفة تماماً وخاصة في ظل صمت المراقبين الدوليين الغربيين لشئ في أنفسهم قد تعد ورقة ضغط ضد الأردن.
الأهم الآن أين نذهب بالأردن ملكاً باستقراءه للواقع بشكل حقيقي بعيداً عن وساطة المحللين والمجملين للواقع، وحكومة بتعاملها في ظل الظروف الحالية ونيتها تجاه الحراكيين والمعارضين في ظل أدعائها إدارة إنتخابات نزيهة (متجاهلة لكل ما ذكر أعلاه) ومن جة أخرى الأردنيين بشتى نسيجنا الإجتماعي وأحزابنا ومؤسسات المجتمع المدني، أعتقد بأنه لا بد من تحليل وضع الموالين المعتدلين وحتى الموصوفين ب"الصحيجة والهتيفة" ما هو وضعهم الإقتصادي وطبيعة أعمالهم وثقافتهم وكيف تشكلوا..الخ؟ كذلك تحليل وضع المعارضين المعتدلين و"الغوغائيين المخربين الشتامين" ما الذي أوصلهم إلى هذا الوضع وما هو وضعهم الإقتصادي وأعمالهم وثقافتهم وأيضاً كيف تشكلوا...الخ؟ وكيفية الوصول إلى توافق مجتمعي لمطالب منطقية لحل مشاكل كلا الطرفين الذان قد يحدثا تصادماً لا يختلف كثيراً عن الدول التي مرت بصدام دموي بين طرفي المعادلة المجتمعية التي قد تقف فيها الدولة عاجزة في ظل تشابك أطراف المعادلة وإتاحة الفرصة لوجود تدخلات من جهات خارجية مختلفة تفاقم الوضع لا سمح الله.
بالطبع مطالب الأردنيين أصبحت واضحة بخصوص الإصلاحات السياسية والإقتصادية وحتى مكافحة الفساد، ولكن قد يكون الإختلاف في الآليات والتي لا تهم كثيراً في حال وجود إرادة سياسية لدى الملك والدولة وتدرك كيفية التعامل مع ما يدعى بقوى الشد العكسي وبعض المعارضين لأجل المعارضة وضغطاً للمشاركة في الدولة، أعتقد بأنه لن يكون هنالك حلول حقيقية إلا في حالة التنبيه إلى التنمية المجتمعية بنشر التوعية الدينية والثقافية والسياسية والقانونية والتي ترتكز جميعا على التنمية الإقتصادية فلا بد من الإلتفات لمصالح المواطنين بشكل أكثر تفصيلاً مثل ماذا يريد المواطن الأردني؟ لا شك بأن كل مواطن أردني وخاصة أرباب العائلات يسعون لتغطية إحتياجات عائلتهم الإعتيادية بشكل أكثر يسر بدون اللجوء إلى ديون أوتقصير في تلبية تلك الإحتياجات ؟ وقد تبنى الملك فكرة صندوق تنمية المحافظات والتي أظنها أولى أوليات الحكومة القادمة بدل السعي لإرضاء البنك الدولي برفع الدعم ونسيان باقي الإصلاحات الضريبية أو الاستفادة من تجارب دول ناجحة إقتصادياً، فلا بد من تفعيل هذا الصندوق بشكل حقيقي بتوجيه ميزانية مناسبة له سواء من الأموال الخليجية المودعة لدينا والتي خصصت لمشاريع تنموية أو بالمناقلة بين بنود الموازنة بتخفيف بنود أخرى، والسعي لإنشاء مشاريع إنتاجية في المدن الأردنية الأقل إهتماماً ولا أقول أقل حظاً بل التي تناستها الدولة وقصرت معها بلدياتها، وذلك لمساعدة أهل تلك المدن لتشغيل أبنائها في تلك المشاريع الإنتاجية، أتذكر بأنه قد كان لدينا في السلط مصنع "لبناطيل الجينز" ومصنع "للطناجر" ولكن وللأسف فقد أغلقت تلك المصانع مشتةً خلفها الموظفين وأسرهم، فنحن بحاجة إلى مصانع ومعامل ومشاغل في كل المحافظات لتلبي إحتياجات المواطنين بإنتاجها ورواتبها، ومن المهم جداً بأن يكون في تلك المشاريع رقابة مالية وإدارية صارمة لا تحتمل التلاعب وتتحرى الدقة والعدالة وخاصة في التعيينات بعيداً عن وساطة المسؤولين ونواب الخدمات