عمي يا بيّاع الفوسفات
قالوا وطني ليس حقيبة وأنا لست مسافر ، وأقول وطني زهرة أذبلوها بأشواك أعمالهم وفراشة حرقوها بنار جشعهم و سمكة بلعها حوت أبيض وعصفور إلتهمته أفعى الأرض .
أشتروا مصير الفقراء وأرضهم وشرفهم وحتى أصواتهم وأحكموا قبضاتهم على مقاعدهم وشوارعهم وكرامتهم وبصماتهم طبعت حدائقنا وأعمدتنا وواجهات عماراتنا وحتى لم تسلم منها حوائط السجون وقضبانها.
تبلغون من الوجاهة والفخامة والدولة والمعالي والسماحة والفضيلة والعطوفة والسعادة شأواً بعيداً وتورثون أبناءكم ألقابكم ومراكزكم ووزاراتكم وكراسيكم ولكنكم تفقدون حبنا وإحترامنا وتقديرنا وستكونون رقماً تسلسلياً ومعاذ الله أن تُخلدون علامة مضيئة في تاريخنا.
أياديكم تعبث وتسرق وتوقع وأيادينا تحرث وتزرع وتكتب أحبك ، لن تشفيكم مشافي سويسرا والنمسا وتشيكيا ولكن نحن ترد أرواحنا قبضة من شيح أوبابونج من سفوح دير أبي سعيد وماعين وماحص .
تشربون البحر والبحيرة ولاتروون وتشفي غليلنا قطرة ندى في عجلون أو جبال الشراة أو سهول رحاب.
وطني الصغير نام في حضنكم وأصبح في بطونكم لا يسمع أنينه أحد ولا يستطيع بث ألامه لصديق أو عدو ، إستأمنكم على حبات قمحه وشعيره وطحنتوه في ظلام ليلكم وصار ثوباً بلا أزرار وغيمة بلا أمطار وبات عاقله لا يُلام ومجنونه فهمان ، أشجارنا صارت عصياً لضربنا وجامعاتنا لتجهيلنا وديموقراطيتنا لتناحرنا .