الحكومات البرلمانية بداية طريق الاصلاح
في السنوات الأخيرة حقق الأردن تقدما ملموسا في الإصلاح وبرز ذلك بتعديل ثلث الدستور الذي أفضى إلى تعزيز الفصل والتوازن بين السلطات، وترسيخ استقلال القضاء، وصون حقوق المواطن، و إنشاء محكمة دستورية، وهيئة مستقلة للانتخاب.
وتوج هذا التقدم في الإصلاح ضمن الرؤية الملكية الراسخة و الواضحة بإجراء انتخابات برلمانية نزيهة أفرزت ممثلين حقيقيين عن الشعب الأردني، وكان الدليل على وعي الشعب الأردني بأهمية الإصلاح وإيمانه برسالة الإصلاح التي لا رجعة عنها هو اتجاهه نحو صناديق الاقتراع بصورة لم يتوقعها أحد حيث بلغت نسبة التصويت ما يزيد عن 56% ممن يحق لهم الانتخاب.
ولم يتوقف التقدم في عملية الإصلاح عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى وضع أسس نظرية واضحة وخريطة طريق قابلة لتنفيذ الإصلاحات، فقد خطا جلالة الملك خطوة أخرى نحو الإصلاح الشامل من خلال الدعوة إلى تشكيل حكومة برلمانية عبر التشاور مع ائتلاف الأغلبية من الكتل النيابية في حال تشكله أو مع جميع الكتل النيابية، في حال عدم بروز كتلة تمثل الأغلبية البرلمانية، لاختيار رئيس وزراء مكلف، وليس شرطاً أن يكون من النواب، وبدوره سيقوم رئيس الوزراء المكلف بالتشاور مع الكتل النيابية لتشكيل الحكومة البرلمانية الجديدة، والتي ليس بالضرورة أن تضم نواباً وذلك تطبيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات، والاتفاق على برنامجها، والتي ينبغي عليها الحصول على ثقة مجلس النواب، والاستمرار بالمحافظة عليها.
ولكن لتحقيق الرؤية الملكية للإصلاح ودعوة جلالة الملك لتشكيل حكومة برلمانية ما زلنا بحاجة إلى تطوير أحزاب سياسية تقوم على أسس برامجية تستقطب غالبية أصوات المواطنين، وتتمتع بقيادات مؤهلة وقادرة على تحمل أمانة المسؤولية سواء من موقعها في البرلمان أو في حال تشكيلها للحكومة، كما أننا بحاجة إلى تفعيل دور المعارضة أيضا من خلال قيامها بتشكيل حكومات ظل لتكون الرقيبة على الأداء الحكومي ومسائلة الحكومة عن أعمالها وأن تكون قادرة على عرض رؤية بديلة بناءة.
مع كل الإصلاح الذي شهدناه في السنوات الأخيرة ونشهده الآن فما زالت الرؤية الملكية مستمرة بالإصلاح الشامل و مؤمنة بمشاركة جميع الأطياف بهذه المسيرة.