صيحة تحذير

تم نشره الجمعة 08 شباط / فبراير 2013 01:00 صباحاً
صيحة تحذير
محمد القصاص

إلى قادة دول الخليج

إلى أصحاب القرار والضمائر الحية

إلى من تهمهم العروبة والأوطان العربية

إلى من يهمهم السلام و الأمن في الوطن 

اصغوا إليّ .. فإن ما سأكتبه جدير بالاهتمام والتفكير ، ولا يحتمل التأخير .... فالمنطقة كلها فوق بركان آيل إلى الانفجار .. ولن يسلم من شره أيا كان ..

أنا لست منجما .. ولا متنبئا ، ولا أقرأ الغيب ..

 

مليار دولار .. ملياري دولار .. ثلاثة مليارات دولار .. موازنة متواضعة تكفي لبناء جيش قوي في الأردن ، تناط به مهمة الحفاظ على الأمن والاستقرار في دول المنطقة .. (الأردن ودول الخليج على حد سواء) وقبل كل ذلك ، يجب المبادرة لأخذ الحيطة والحذر بما يتلاءم مع متطلبات الوضع ، وانعكاساته المؤدية إلى توترات إقليمية متزايدة ...

الجيش الأردني هو الستار الحديدي العازل .. الذي يعتبر من وجهة نظر استراتيجية .. سياج مهمته الحفاظ على أمن وأمان وسلام على حدود أكبر دولة خليجية ، هي المملكة العربية السعودية الشقيقة .. والتي يعتبر أمنها أيضا .. أمنا لكل دول الخليج .. 

أنا لم أعد بحاجة للكتابة عن الإصلاح ولا عن الفقر والبطالة في الأردن ، ولا عن محاسبة الفاسدين والمفسدين ، لأنني كنت قد انتهيت من خوض غمار هذه الحرب .

بل راودتني الفكرة التي أنا بصدد كتابتها اليوم ، وهي أن أكتب مقالي هذا وبهذا العنوان الملفت للنظر .. من أجل أن يكون ما أكتب .. حقيقة لا يمكن تجاهلها من قبل الكثيرين من الذين وجهتُ إليهم هذا النداء .. 

إن في الأردن أكثر من ربع مليون خريج من الشباب ، فهم ينتظرون حظهم للتوظيف في غمرة الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه الأردن هذه الأيام .. بسبب سوء الحالة الاقتصادية .. وعلى هذا الأساس ، فإن استغلال هذا العدد الهائل من الشباب بتجنيدهم في سلك الجيش والأمن وفي كل المجالات ، وتدريبهم التدريب المناسب لطبيعة الحالة التي تعيشها الدول في المنطقة .. ليكن سدا منيعا وسياجا صعب الاختراق ، يقف بوجه الأخطار التي قد تتعرض لها دول المنطقة كلها أو بعضها .. على أن يتم تسليح هذا الجيش التسليح المناسب والأقوى والأجدى ، لكي يكون قوة ضاربة تقف بثقة وصمود ، في وجه أي دولة تهدد أمننا واستقرارنا من خارج المنظومة العربية .. على أن تسعى الدول المعنية كلها على دراسة وإقرار هذا الموضوع ..وتثبت هذا القرار بالتوقيع على اتفاقية دفاع مشترك يلزم الجميع بتنفيذها والتقيد ببنودها .

نعم .. تقتضي الظروف السياسية في المنطقة في زمننا الحاضر .. بأن يُعهد إلى حكومة المملكة الأردنية الهاشمية .. بالتوجه إلى تبني فكرة بناء جيش قوي ، يضطلع بتحمل المسئولية الأمنية على أرضه وحدوده ، والتي تهم كل الدول المحيطة ، وأن تعد صوب هذا الاتجاه العدة بكل متطلباتها .. ومقتضياتها ، لأن المنطقة التي أصبحت تتأرجح يمنة ويسرة وتلعب بها ا لريح ، ويشتد فيها وطيس الحروب وتفتك بمواطنيها النزاعات المشتعلة ، وقد يؤثر تدهور الحالة الأمنية فيها على أمن وسلامة دول المنطقة بدون استثناء ..

بل وإن توجه إيران لامتلاك السلاح النووي عما قريب ، والذي سيجعلها تتحول من دولة تقليدية إلى دولة نووية وستصبح على هذا الأساس على المحك ، والأكثر من ذلك فإن احتمال نشوء حرب بينها وبين وإسرائيل نتيجة هذا التحول.. إن صحت التهديدات والمزاعم ما بينها وبين إسرائيل .. وسواء أحدثت تلك الحرب حقيقة أم لم تحدث ، فإن سياسة إيران التي أصبحت مكشوفة للعيان ، بعدائها للإسلام وأهله ، وتوجهها الواضح والمتعمد لإثارة وافتعال النزاعات والأزمات ما بينها وبين دول الخليج .. وهذا أيضا يتطلب منا الوقوف بكل جرأة أمام تلك التحديات بأن نقول رأينا بصراحة وشجاعة ، على هذا الصعيد وفي هذا المضمار ، أو نقف حائرين ومتسائلين لسنوات عدة ، عما إذا كانت إيران جادة فعلا بتهديداتها لدول الخليج إلى أن تقع الفأس بالرأس ..

من هنا .. فإن أية قوة عربية يتم بناءها وإعدادها في دولة معتدلة في سياستها .. كالأردن ، والتي تعتبر بمفهوم المنطق العسكري ، طوق نجاة وسلام وأمن ، لأنها تشكل سياجا استراتيجيا آمنا ومنيعا على الحدود الغربية للخليج .. فلن تكون إذن سوى قوة ردع وحماية ضد أي عدوان متوقع من الشرق والغرب ، بل فإنها على الأقل ستكون عبارة عن عمق استراتيجي من جهة الشرق حيث إيران ، أو من جهة الغرب حيث إسرائيل التي نجد رجال مخابراتها دائما لهم الدور البارز في الأحداث ، كما نجدها دائما ضليعة في كل عمل عدواني تخريبي أو عسكري ضدّ الأرض والأوطان والشعوب العربية .

وما الاهتزازات التي تعرضتْ لها الأرض العربية والمنطقة برمتها منذ بدء ثورات الربيع العربي ، الذي لم يخلف وراءه سوى الدمار والخراب لكل المقومات والإمكانات على أرض الدول التي زارها الربيع العربي كضيف ثقيل ظل ، وخلف بها ما خلف من آثار تدميرية شبه شاملة . حيث أثبتت تلك الثورات ، وكأن رجالاتها جاءوا لتصفية حساباتهم على أساس تراكمات قديمة ، وقد حصل هذا بكل الدول التي احتضنت مثل تلك الثورات الربيعية .. حتى بدت لكل مفكر عربي حريص على مصلحة الأوطان ، بصورة قاتمة ولا يراها العاقل سوى أنها مؤامرات مستوردة من الخارج .. وأتحدى أن تكون تلك الثورات هي من صنع العرب الشرفاء أنفسهم .. 

فالشواهد التي نراها من حولنا فرضت علينا ، بأن نكون أقل إيمانا بأي ثورة تنشأ في المنطقة ، لأن هذه الثورات ترفع شعارات نراها على أرض الواقع مغايرة تماما للواقع نفسه الذي نشاهده ونلمسه ، وخير شاهد على ذلك ، ما نراه اليوم في العراق ومصر وسوريا ، وآخرها ما حدث في تونس قبل أيام .. وهي عملية اغتيال شكري بلعيد المعارض لحكومة النهضة في تونس والذي أثار الكثير من التساؤلات والتفسيرات.

وقد كان ذلك دليلا واضحا جديدا لا يحتاج إلى تفسير ولا إلى تأويل بل فهو دليل على المهزلة التي يعمد البعض إلى تسميتها بالربيع العربي .. غير آبهين بما يعنيه اغتيال الشخصيات والرموز والعقول وأصحاب الفكر في عالمنا العربي من أمر وخيم ، سيكون مؤداه وتأثيره سلبا على وتيرة النهضة والتقدم والازدهار ، والسير عبر طريق التقدم والديمقراطية التي كانت من الممكن أن تشع بإشراقتها على مستقبل الدول والشعوب والأوطان في العالم العربي كله .

ولكي نكون منصفين .. فإن الثورات العربية أصبحت بحاجة إلى ثورات مضادة ، تعيد أزلامها قسرا للمسار الصحيح ، الذي يضع مصلحة الأوطان فوق كل مصلحة .. لا أن يكون معظم زعمائها ألعوبة بأيدي الغوغائيين ، وأصحاب السياسات المدسوسة ، وتحت تأثير منشط تم تصنيعه خصيصا في دكاكين الغرب ، من أجل القضاء على بريق الثورات ،وقتل أحلام الشعوب العربية المتطلعة إلى الحرية والاستقلال والازدهار وهي في المهد ..

لقد بات العملاء والجواسيس الذين يرتعون في ربوع الربيع العربي .. والذين استطاعوا تحييد الثورات عن مسارها الصحيح .. بل وحرَّفوها عن خط سيرها الذي كنا نحلم بأن يكون خطا واضحا أكثر نزاهة وديمقراطية ، بل وأكثر استقامة وسلاما وأمنا من كل التصورات .. ولكن بدا من الغريب أن نرى أحلامنا تقتل قبل أن نذوق فرحتها ، وطموحاتنا تهدم قبل أن تولد .. والأكثر من ذلك فلم نجد أبدا فرصة واحدة صغرت أم كبرت ، تتجه نحو إنقاذ تلك الثورات من الدمار والموت ..

أفلا يَعْقِلُ القادةُ العرب ، أو يعوا ما ينتظرهم في أعقاب ما رأوه في بقية البلدان العربية ، والأيام المقبلة هي التي ستبدي لهم ما كان بودهم عدم قراءته أو فهمه ، أم أنهم ما زالوا يضعون بحسبانهم ، التقديرات والحسابات معتمدين على نظريات خاطئة ، الم يقرؤوا ما يمكن أن يخبئه المستقبل لهم ، فقد يكون مظلما حالك الظلمة ، أم أنهم ضمنوا عن قناعة وإيمان ، أنهم سيكونون بمأمن عما يحدث على الساحة العربية .. هل ما زالوا بأن يؤمنون بأن عروشهم حصينة ، وأنها ليست في مهب الريح؟ .. فالشواهد الماثلة أمامنا حقيقة .. هي ما أصبحنا نراه اليوم من عواصف هوجاء ، كتلك التي هبت ريحها في بعض الدول العربية ، والتي استطاعت أن تعصف بالعروش والكراسي ، ولم تستطع أن ترد عنهم الخطر لا الأساطيل ولا الترسانات العسكرية ، ولم تتمكن من إخمادها الحرائق المشتعلة ، أو قهر إرادة الشعوب الثائرة ، أو استيعاب تلك الثورات أو إخمادها .. بل فقد رأيناها وقد مضت في طريقها إلى أن أوصلت طواغيت الأمة إلى ما وصلت إليه من خزي وثبور ودمار .. ثم استفحلت لتمتد إلى البدء بقتل وتشريد الشعوب والحراكات والثورات ، ما يوحي بأن دول الثورات تعود إلى الوراء إلى عصر التخلف والانحطاط من جديد ، ومن المؤسف فلا نجحت الثورات ولا بقي الحكام على عروشهم ... !!

وعلى هذا الأساس .. فإني أضع تصوري هذا أمام الزعماء والقادة العرب ممن يعنيهم الأمر .. علهم قد ينتبهوا للمسألة ، ويدرءوا عن وعي وإدراك مكامن الخطر الذي بات ناقوسها يدق في ميادين عواصمهم ، وأصبح الآن يدق أبوابهم ،

وهو عنهم ليس ببعيد .. 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات