هل تتمكن الكتل النيابية الحالية من النهوض بعملية التحول الديمقراطي؟
المدينة نيوز- شكّل وجود كتل في مجلس النواب السابع عشر نقلة في العمل النيابي وان كان التفاؤل او التشاؤم بقدرتها على النهوض بالعملية الديمقراطية خصوصا في تشكيل الحكومة المقبلة ما زال قيد النقاش على الساحة السياسية الاردنية .
جلالة الملك عبد الله الثاني قال في خطاب العرش السامي " ان تطور آلية التشاور يعتمد على تقدم العمل الحزبي والبرلماني، الذي يؤدي إلى ظهور ائتلاف برلماني على أسس حزبية، يتمتع بالأغلبية وتنبثق عنه الحكومة، ويقابله ائتلاف برلماني معارض يمارس الدور الرقابي، كحكومة ظل".
اذن الوصول إلى استقرار نيابي وحكومي ، يتيح العمل في مناخ إيجابي لأربع سنوات كاملة هو المطلوب ، والسؤال المطروح على الاجندة السياسية وبقوة ، هل بالفعل ما ظهر حتى الآن من تكتل نيابي يوحي بسير الامور نحو الافضل ؟.
نتيجة التنافس على رئاسة مجلس النواب والتي فاز فيها سعد هايل السرور كنائب مستقل في مواجهة تكتل برلماني دعم محمد الحاج , وعلى الرغم من انها كانت مجسا نابضا لتاثير الكتل ليست بالضرورة دليلا على قوتها او هشاشتها ومن المبكر الحكم فشلا او نجاحا على هذه التكتلات كما يقول سياسيون .
لا يرى وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال سابقا الكاتب طاهر العدوان ان التكتلات الحالية هي معقد الامل والرجاء في احداث التغيير الايجابي وانها قادرة بالفعل على المدى القريب في احداث التحول الديمقراطي نحو حكومة برلمانية .
ويستدرك : الكتل بوضعها الحالي غير فاعلة , ولن تكون قبل حدوث اهم خطوة بنظره وهي تغيير النظام الداخلي لمجلس النواب بحيث يسمح بقيام كتل نيابية صلبة تمثل الاتجاهات السياسية (يمين ووسط ويسار ) وان تكون لها برامج سياسية وان تكون اما مؤيدة او معارضة .
وتحتاج هذه الكتل لعام على الاقل منذ اليوم لتحقق ذلك كما يعتقد العدوان , مضيفا انه من المبكر الحكم عليها في شأن تأثيرها القوي والفاعل الا اذا اتسمت ببرامج واضحة ومحددة.
ويقول : في مجلس النواب الحالي شخصيات كثيرة مستقلة لديها افكار وطموحات سياسية وسيترجم ذلك في المقبل من الايام من خلال الجلسات والمواقف وليس شرطا ان يكون النائب خارج او داخل كتلة ليكون فاعلا ومؤثرا ..
ويتابع : كما انه ليس شرطا ان يكون حزبيا , فهناك مستقلون يمثلون شريحة واسعة من المجتمع ولهم دور كبير ، سيحكم عليهم المواطن من خلال مواقفهم تحت قبة البرلمان.
ويعوّل على دور النواب في المرحلة المقبلة بان يتمكنوا من تعديل قانون الانتخاب الحالي - الذي وصفه جلالة الملك عبد الله الثاني بانه (غير مثالي) ، واول شروط المثالية برأي الوزير السابق ان يكون لدينا قانون انتخاب توافقي بشكل اكبر .
وزير التنمية السياسية سابقا موسى المعايطة يقول : لا نستطيع ان نحكم على الكتل الآن لانها تشكلت لحسم معركة رئاسة مجلس النواب واعضاء المكتب الدائم ولن يكون استقرارها واضحا ومؤثرا - ان حدث - الا بعد تشكيل الحكومة ومجلس الاعيان .
ويضيف : لدى بعض الكتل نوع من التوافق السياسي مثل الوسط الاسلامي والتجمع الديمقراطي والسؤال :هل يمكن ان يتحول هذا التوافق الى نهج سياسي ثابت ؟ مضيفا " ارى انه لا نستطيع الحكم الا بعد الانتهاء من تشكيل الحكومة ، فهذه التكتلات لم تكن على اساس سياسي ولا برامجي ومعظم اعضائها تعرفوا على بعضهم بعد الانتخابات النيابية الاخيرة وليس قبلها ، ومن البديهي ان الاحزاب والكتل يجب ان تتشارك على اساس برامج معلنة".
ويتفق المعايطة مع العدوان باهمية تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب ومأسسة الكتل بالاعتراف بها كاحد مكونات المجلس التنظيمية وهو ما يكفل الوصول الى كتل متجانسة , مستطردا : لا علاقة لذلك بالعمل الحزبي .
خلال اتصال جلالته هاتفيا امس الاثنين مع رئيس مجلس النواب أشار جلالته إلى أنه من شأن تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب ومدونة السلوك بالسرعة الممكنة أن يدعم فعالية المجلس، ويمأسس لعمل الكتل النيابية، ويقود إلى ممارسة نيابية تحقق الصالح العام، وتجذر الانتقال نحو نهج الحكومات البرلمانية.
اذن القناعة بتطوير النظام الانتخابي رؤية ملكية ..
فهل نسير بالاتجاه الصحيح .. نعم يجيب وزير التنمية السياسية السابق : فقضية تشكيل الحكومة بالتشاور مع النواب والكتل والتجمعات سيصل بنا في المستقبل الى الخروج بتيارات سياسية تقنع المجتمع وتمأسس لتطور فكر مختلف في شكله عند تشكيل الحكومات المقبلة .
ويقول انه على الرغم من بعض الانتقادات التي وجهت خلال الانتخابات النيابية السابقة للقوائم الوطنية الا انها ستسهم في ايجاد ثقافة جديدة عند الناخب وتؤطر مستقبلا لعمل الكتل ، وقد تسهم لاحقا بشعور الناس بان الاحزاب السياسية في العمل السياسي هي اللاعب الاساسي .
مدير معهد الاعلام الاردني الدكتور محمد المومني لا يرى ان الامل كبير في الكتل النيابية التي طرحت نفسها مع بداية تشكيل مجلس النواب الحالي والسبب انها لا تتوحد ضمن خلفية سياسية متشابهة ولا تمتلك برنامجا يجمع عليه جميع الاعضاء.
ويضيف : لذلك وعند اول محك ستكون هناك حالة من عدم الاستقرار وحين يكون التداول حول موقف معين يتوقع ان نشهد حالة من النكوص والتراجع والانسحابات وقد نشهد حالة من عدم القدرة على الخروج باجماع .
ويتابع " كون التجربة جديدة فانه وعند الوصول الى قرارات مفصلية فمن المتوقع ان تواجه الكتل صعوبات كبيرة ".
ولكنه يرى انه وعلى الاقل فقد وضعنا اقدامنا على بداية الطريق الصحيح وسنشهد شعورا متناميا ومتصاعدا وربما نشهد في الانتخابات النيابية المقبلة احزابا ومجموعات اكثر , ويقول "لكنني استبعد ان نشهد اداء من الكتل في المرحلة الحالية كما في الديمقراطيات المتقدمة" .
وحول نتيجة انتخابات رئاسة مجلس النواب التي لم تستطع الكتل حسمها يرى المومني "ان ذلك حكمه عاملان اولهما الشعور بقوة المرشح وقدرته وخبرته ومعرفته بالادارة وثانيهما انه كان البديل الافضل بين البدائل النهائية " .
المقبل اذن من الايام حاسم في شكل التحول الديمقراطي ويعوّل الجميع على مدى قدرة النواب كتلا ومستقلين في التأثير بشكل الحكومة المقبلة كخطوة اولى نحو التغيير .. ليس من وجهة نظر المعارضة ومن قاطعوا الانتخابات البرلمانية لاسباب عدة فحسب ، بل وللناخبين الذين ذهبوا لصناديق الاقتراع لممارسة حقهم وتأدية واجبهم .
( بترا )