هل يثق نوابنا بأنفسهم؟

يقول النواب الجدد أن أحد أهم أهدافهم استعادة ثقة الشعب بالمجلس. وهو قول يفترض أولاً أن هذه الثقة كانت موجودة في السابق ويجب استردادها الآن وثانياً ان ثقة الشعب بالمجلس متاحة فيما إذا سلك سلوكأً جيدأً.
الواقع أن هذه الثقة لم تكن موجودة في أي وقت من الأوقات ، فالشعوب لا تثق بمجالس النواب ، يكفي القول بأن شعبية الكونجرس الأميركي لا تزيد عن 26% ، أي أن ثلاثة أرباع الشعب الاميركي لا يثق بالنواب الذين انتخبهم. ولم يصدف أن ذرف الشعب الأردني دموعاً على حل أحد مجالس النواب قبل نهاية عمره.
في حالة الأردن، يقدّر أن مجموع الأصوات التي حصل عليها المرشحون الذين لم ينجحوا تجاوز 75% ، ومعنى ذلك أن أغلبية الناخبين لم يحصلوا على النواب الذين انتخبوهم ، فلماذا يثقون بغيرهم؟.
السؤال الذي يخطر بالبال: لماذا يريد النواب من الشعب أن يثق بهم؟ وماذا يصنعون بهذه الثقة فيما لو حصلوا عليها؟ وماذا يخسرون فيما لو لم تتوفر الثقة المنشودة. وهل هم على استعداد للعودة إلى بيوتهم إذا دل استطلاع الرأي أن أغلبية الشعب لا تثق بالمجلس.
الاعتقاد الشائع أن الثقة بالمجلس تتحقق إذا حجب النواب الثقة عن الحكومة أو إذا أخذوا مواقف معارضة لها ، وتشددوا في انتقاد سياساتها وقرارتها ، ولكن لماذا يحصل هذا إذا كانت الحكومة من اختيار النواب أنفسهم أي حكومة برلمانية.
الأسلوب الثاني في كسـب الثقة الشعبية هو إطلاق شعار مكافحة الفساد ، وهو اصطلاح معنوي موجه ضد مجهول لا على التعيين ، ومثله المطالبة باسترداد الأموال المنهوبة بدون تحديد من نهبها وكيف ومتى؟.
لدينا عقدة تستوجب الحل ، فالوطنية الأردنية إقليمية ، ومن يطعن الأردن في المحطات الفضائية يعتبر بطلاً ، ومن يوجه للحكومة والنظام أقسى الانتقادات يعتبر وطنياً ، ومن يؤيد يعتبر منافقاً.
يحسن نوابنا صنعأً إذا وضعوا برامجهم وشعاراتهم نصب أعينهم وحاولوا التمسك بها وخدمتها ، وتجنبوا الوساطات وهي نوع من الفساد ، ولم يطالبوا أو يقبلوا مزايا مادية لا مبرر لها تزيد عن مكافأة معقولة ، فهم ليسوا موظفين وطلاب تقاعد بل شخصيات طرحت نفسها للخدمة الوطنية.
المهم أن يثق النواب بأنفسهم ، ويشعروا بمسؤوليتهم ويتصرفوا كما تمليه عليهم ضمائرهم.
( الراي )