نضال منصور يكتب: من هو الرئيس القادم؟
كتب نضال منصور - : انتهى "مولد" انتخابات رئاسة مجلس النواب ولجانه ليعيد إنتاج حقيقتين بارزتين، الأولى بأن الكتل البرلمانية التي أنتجتها الانتخابات سواء على مستوى القوائم الوطنية أو الدوائر الفردية ليست أكثر من كثبان رملية، فالكتلة التي تنام وعدد أعضائها "35" مثلاً، ربما تصحو لتجد عددها وقد تناقص 5 نواب دون إشعار، أو مبرر، أو سبب أيديولوجي وبرامجي هام، وهذا ما تم التيقن منه في التحالفات للرئاسة.
والحقيقة الثانية أن مطبخ صنع القرار في الدولة الأردنية لم يتوقف عن التدخل في انتخابات رئاسة المجلس، وسعى لتفصيل رئيس على هواه، تحت ذرائع شتى، ولا يريد للمجلس أن يكون سيد نفسه.
والآن نحن أمام استحقاق آخر، وهو المشاورات البرلمانية لاختيار رئيس جديد للحكومة، في اختبار هو الأول من نوعه منذ عقود طويلة في الأردن، والأسئلة لا تنحصر بمن هو الرئيس المقبل على الدوار الرابع، ولكن في الآلية التي ستتبع في المشاورات مع الكتل النيابية والمستقلين، والأهم هل توجه الغالبية البرلمانية إن وقع على شخصية لرئاسة الحكومة ملزمة؟!.
على ضوء تجربة انتخابات رئاسة البرلمان فلا أعتقد أن هناك غالبية يمكن أن تحسم اسم الرئيس، ولا أعتقد أيضاً أن التحالفات بين الكتل ستنجح إلى الحد الذي يمكن وضع اسم محدد لرئاسة الحكومة على طاولة القصر.
ولست ممن يعارضون توجهات بعض النواب بضرورة البدء في تحديد مواصفات المرحلة المقبلة، وخارطة الطريق التي يجب أن تلتزم بها الحكومة القادمة، ثم وعلى مقاس هذه المحددات يتم اختيار رئيس الحكومة.
هذا صحيح نظرياً، ولكن من الواجب التدقيق في سيرة الرئيس المرشح، وهل يمكن أن يقود المرحلة المقبلة، فكل من سيجري ترشيحهم سيبدون حماساً منقطع النظير لتطبيق الإصلاحات المطلوبة مهما كانت، حتى وإن كانت تتعارض مع خطابه ومواقفه المعلنة والمعروفة؟.
وعملياً يجب أن نسأل: هل الرئيس الذي سنختاره معروف عنه الاستقلالية، وقدرته على إمساك الدفة وليس الانصياع لمن يقودون المشهد من خلف ستار، ويصبح واقعنا كمسرح الدمى، وهل تاريخه يشهد له انحيازه للديمقراطية ونهج الإصلاح، فهناك أسماء متداولة لرئاسة الحكومة، حتى أبسط الناس يعرفون "عرفيتهم" ورفضهم لمسيرة الإصلاح؟.
الأيام القادمة ستكشف قوة البرلمان في فرض ولايته، ومدى انحيازه لخيار الإصلاح الحقيقي، واختياره للرئيس يكشف الوجه الحقيقي للغالبية البرلمانية.
ليست كثيرة هي الأسماء التي تتردد وترشح من تحت القبة، وبالتأكيد فإن الرئيس الحالي عبدالله النسور له فرصة قوية، وبرز اسم عبدالكريم الكباريتي رئيس الوزراء الأسبق مرشحاً بسبب تركيز خطاب العرش على الثورة البيضاء، وهو ذات الشعار الذي رفعه الكباريتي أبان حكومته في عهد الراحل الملك الحسين.
وبقوة يحضر اسم طاهر المصري باعتباره قاسم مشترك عند الكثير من القيادات السياسية، ورمز يؤمن بالديمقراطية ويدافع عنها، وفي بورصة الأسماء يعود اسم ناصر اللوزي رئيس الديوان الملكي الأسبق كرئيس توافقي يرضي الجميع وليس لديه خصومات مع أحد، فيما يتردد اسم جديد محط احترام الناس ومعروف بنزاهته وهو مدير الضمان الاجتماعي الأسبق، ورئيس مجلس أمناء صندوق الملك عبدالله عمر الرزاز.
شخصية رئيس الوزراء القادم هامة جداً، فنحن نريده رئيساً قادراً على قيادة المرحلة المقبلة، واقتناص الفرصة حتى ننجو من "سكون" الإصلاح وغضب الشارع.