حكايات الموت على الحدود السورية الأردنية
المدينة نيوز - على أصوات القصف تعيش القرى الأردنية على طول الشريط الحدودي مع سوريا الممتد لأكثر من 370 كلم، فسكان قرى الذنيبة وعمراوة والطرة التابعة للواء الرمثا الملاصق لدرعا بات صوت القصف بالنسبة لهم جزءا من حياتهم اليومية على حدود تحمل قصص الموت والحياة على حديها.
الارتباك والخوف لا يغادر سكان هذه القرى بعد أن وصلتهم بعض القذائف من الجانب السوري مما أدى لوقوع إصابات، في حين تكرر سقوط قذائف بأراض زراعية أردنية، وفي مرات معدودة أصيب جنود أردنيون بجروح نتيجة قصف جيش النظام الذي يلاحق عناصر الجيش السوري الحر.
قائد حرس الحدود الأردني العميد الركن حسين الزيود تحدث باقتضاب عن الاشتباكات على جانبي الحدود، وقال للصحفيين الذين رافقوا الجيش في جولة على معابر اللاجئين غير القانونية أول أمس إن الاشتباكات تقع بين الجيش السوري والجيش الحر.
وتابع "نتعامل مع الأمر وفق قواعد الاشتباك العسكرية"، وعن الجرحى قال إن جروحهم بسيطة، لكنه شدد على أن الجيش الأردني ليس طرفا في هذه الاشتباكات.
على حافة سد الوحدة من الجهة الأردنية، توقفت مجموعة من الصحفيين خلال الجولة ليلة الاثنين واستمعت لأكثر من ساعة لأصوات القصف القادم على بعد كيلومترات قليلة من الجهة الشمالية حيث قرى جنوب غرب درعا.
كانت القذائف تسقط بمعدل قذيفة كل دقيقة تقريبا، في وقت أن الوهج القادم من الجهة الأخرى يرتفع وينخفض حسب قرب القذيفة.
الوادي حيث نهر اليرموك وسد الوحدة ارتفع فيه منسوب المياه بشكل كبير بسبب الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة مؤخرا وأدت لغمر نحو نصف الطريق الذي كان يسلكه اللاجئون باتجاه الأردن.
اللاجئون يستعملون القوارب المحلية الصنع في رحلة محفوفة بالمخاطر تغيب عنها وسائل السلامة العامة.
تحدث أحد الضباط الأردنيين عن أن الجيش يستقبل اللاجئين السوريين القادمين عبر القوارب لكن الصعوبة تكمن في نزول السيارات نظرا لارتفاع منسوب المياه، وهو ما يصعّب من مهمة نقل اللاجئين إلى أعلى الوادي.
في نقطة عبور أخرى في المنطقة الوسطى من الحدود كان المئات من اللاجئين ينتقلون بين سواتر ترابية من الحد السوري باتجاه الحد الأردني، وكان جنود من الجيش السوري الحر يساعدون الجرحى واللاجئين من كبار السن في العبور.
جندي بالجيش الحر كان يساعد في نقل أحد الجرحى من الحد السوري إلى الحد الأردني، تحدث للجزيرة نت عن مهامهم التي قال إنها تقتصر على تأمين الطريق للاجئين السوريين ونقلهم من أماكن تأمينهم إلى الحدود الأردنية.
وتحدث الضابط بالجيش الحر والذي فضل عدم كشف اسمه، عن أن مهمتهم محفوفة بالمخاطر رغم التعاون الكبير من الجانب الأردني كما قال، حيث يقومون بنقل دفعات من اللاجئين على مدار الساعة وسط استهداف مستمر من الجيش النظامي السوري، موضحا أن أصعب المهام تكمن في تأمين الجرحى وحالات الولادة.
المقاتل السوري كشف عن حالات موت وحياة في رحلة اللاجئين السوريين نحو الأردن، وتابع "هناك جرحى لفظوا أنفاسهم الأخيرة بين أيدينا وهناك نساء وضعن مواليدهن قبل الوصول للأردن".
قصص الموت والحياة سمعناها في جولتنا على ثلاث نقاط عبور غير قانوينة، إحداها كان الوصول لها محفوفا بالمخاطر اضطر معها الصحفيون للسير وسط الظلام الدامس بمعية قوات الجيش الأردني.
أحد ضباط الجيش الأردني قال للصحفيين إن سلامة اللاجئين تقتضي ذلك، وأشار إلى أن السير في الظلام هدفه أيضا عدم استهداف الصحفيين في المنطقة كونها "مفتوحة".
رجل سوري قال إنه قاوم اللجوء من قريته "النعيمة" في درعا، وزاد "اليوم هناك نحو ألفين في القرية من عدد سكانها الأصلي البالغ أكثر من 17 ألفا كلهم هربوا من الموت بعد أن دفنا الكثير من أحبابنا والبقية على الطريق".
إحدى اللاجئات من حمص توقفت مع أطفالها الأربعة، كانت تحمل أصغرهم بين يديها وتنتظر أن ينقل زوجها بقية أكياس فيها ملابس وأوان قديمة إضافة لجرة صغيرة من البلاستيك كانت تحتوي على "المقدوس"، وهو أحد أنواع المخللات الشامية.
قالت إن رحلتهم امتدت لمدة 12 ساعة حتى الوصول للأردن، وتحدثت عن طفلها الصغير عمر الذين كان يبكي من شدة البرد.
لاجئة أخرى قالت إنها مهندسة قادمة من دوما بريف دمشق حيث قرر زوجها حمل السلاح بعد مقتل والده ووالدته واثنين من إخوته، حيث طلب منها المغادرة مع أطفالهما بعد أن استحالت الحياة هناك.
وأضافت للجزيرة نت "عشنا تحت القصف منذ أكثر من سنة، ومنذ ثلاثة أسابيع ونحن ننتقل من منطقة لأخرى حتى وصلنا اليوم للأردن, في كل يوم خلال السنة الأخيرة رأيت الموت، قتل والد زوجي ووالدته وأخواه أمامي بعد أن تهدم عليهم جزء من البيت الذي كنا نقطن فيه معهم".
وخلصت للقول "لا حياة في سوريا، لا يوجد شيء سوى الموت، كنت أنا وزوجي نرفض اللجوء ونحث الناس على البقاء، لكن واضح أن سوريا لم تعد مكانا صالحا للحياة إلا بعد أن يرحل المجرم بشار وعصابته". " الجزيرة "