«القاعدة» واجتنابها في لبنان والمشرق

تم نشره السبت 23rd شباط / فبراير 2013 12:58 صباحاً
«القاعدة» واجتنابها في لبنان والمشرق
حازم صاغيّة
من مواصفات «القاعدة» ونشاطها، كائناً ما كان المعنى الدقيق الذي يرسو عليه تعريف التنظيم الإرهابيّ، عبور الحدود الوطنيّة واعتبار العالم، أو على الأقلّ المحيط الجغرافيّ والإقليميّ المباشر، ساحة مفتوحة لـ»الجهاد».

وهذا إذا ما بلغ ذروته الدراميّة في «غزوة» نيويورك وواشنطن الشهيرة، فإنّ سائر المواجهات التي خاضتها «القاعدة» تشير إليه بوضوح لا يخطئه البصر. فمؤخّراً، انتقل الصراع في مالي إلى مشكلة جزائريّة، وقد ينتقل أيضاً إلى الجنوب الليبيّ وإلى بلدان أخرى في أفريقيا. وقبل ذلك، كانت الحروب الأفغانيّة سريعة الانتقال إلى باكستان، تصل تأثيراتها إلى قلب السلطة وأجهزتها، ناهيك عن انعكاساتها على المجتمع الباكستانيّ وإمكانيّة استقرار العمليّة السياسيّة فيه. والشيء نفسه يمكن أن يقال في اليمن والصومال وسواهما من «الدول الفاشلة» التي كان، ولا يزال، يسهل تصدير فشلها وتعميمه بحيث يغدو فشلاً لمنطقتها المحيطة. ونعرف كم ارتبطت تطوّرات كبرى شهدتها بضعة بلدان في العقدين الماضيين بظاهرتي «العائدين من أفغانستان» ثمّ «العائدين من العراق».

يقال هذا، وهو بديهيّ عند من يلمّون بألفباء تنظيم «القاعدة» وطرق اشتغاله، للتنبيه ممّا قد تنتهي إليه منطقة المشرق، وفي عداده طبعاً لبنان.

ولا بأس، هنا، بالتذكير بأنّ النظام السوريّ، بقيامه على «استراتيجيّة» الأوراق والمقايضات الإقليميّة، هو مولّد احتياطيّ لنشاط «القاعدة» التي تشاركه، من موقع نقيض، جعل الحركة تفيض عن حدود الدول الوطنيّة. وهذا قبل أن نضيف الاستثمار المباشر في «القاعدة» وشقيقاتها، مرّة في العراق ومرّة في لبنان وأخيراً في سوريّة نفسها بهدف تمكين تنظيمات الإرهاب الأصوليّ من ابتلاع الثورة السوريّة، أو أقلّه تشويهها. فحين نشاهد لوحة العنف المتعاظم في سوريّة، ونتذكّر دور التعنّت الذي مارسه النظام إطالةً لأمده ومراكمةً لأكلافه، نفهم كيف تغدو مصادر الإرهاب «القاعديّ» أغنى وأفعل.

وهذا ليس بهدف حصر التهمة بالنظام السوريّ طبعاً. ذاك أنّ اللون المذهبيّ الذي يسم الصراع على نحو متزايد في المشرق إنّما يطيح بذاته الحدود الوطنيّة، مهدّداً بتبلور جبهة عريضة للاشتباك السنّيّ - الشيعيّ قد تمتدّ من العراق إلى لبنان. وهذا تطوّر مأسويّ على شعوب المنطقة بقدر ما هو واحة فردوسيّة للنشاط الإرهابيّ الإسلامويّ وللنظام السوريّ في الوقت نفسه. وربّما قدّمت التفجيرات الإرهابيّة الأخيرة في دمشق صورة عن ذلك السواد القاتل.

فلا ينقص، والحال هذه، إلاّ الحلف العابر للحدود الذي يمتدّ من إيران إلى «حزب الله»، مروراً بالنظام السوريّ الذي باتت قضيّة حياته وموته القضيّة الأمّ للحلف المذكور. فحينما يُقتل جنرال إيرانيّ غامض الاسم والوظيفة في مكان ما بين لبنان وسوريّة، وحينما يقضي عدد من مقاتلي «حزب الله» في بلدة القصير السوريّة، وربّما في مدن وبلدات أخرى، لا نكون أمام حلف سياسيّ أو إيديولوجيّ، بل أمام رابط مذهبيّ وأمنيّ و»جماهيريّ» في آن معاً. ورابط كهذا، بالأذى وبالاستفزاز اللذين يُحدثهما، لن يكون أقلّ من مصدر خصب آخر للنشاط والوعي القاعديّين المدمّرين. فإذا ما أُلحق هذا كلّه بـ»تحالف الأقليّات» علاجاً للمشكلة، بات على اللبنانيّين، النائمين على حرير «نأي بالنفس» أعوج ومهتزّ، أن يتوقّعوا الأسوأ. ( الحياة اللندنية )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات