التوجيهي : أزمة تحصيل أم أزمة «تعليم»؟

تم نشره السبت 23rd شباط / فبراير 2013 01:01 صباحاً
التوجيهي : أزمة تحصيل أم أزمة «تعليم»؟
حسين الرواشدة

في كل يوم يداهمنا به امتحان التوجيهي نكتشف أننا أمام “أزمة” تعليم لا مجرد “ازمة” تحصيل أو اخطاء في العلامات أو طلاب بالآلاف يمارسون “الغش” وفق أحدث “مكدسات” التكنولوجيا التي نستوردها.

نكتشف ذلك ثم نفرغ الى عاداتنا التي ألفناها: الطلبة يحتجون والاهالي يشكون ويتذمرون، ووزارة التربية تنفي حصول أية تجاوزات، ووزراؤها المتتالون يبشروننا “باستراتيجية” جديدة ووصفات مختلفة وبخطط تطوير سرعان ما تتبخر في الهواء.

فضيلة التوجيهي انه يضعنا أمام “مرآة” التعليم في بلادنا، فبعد نحو (12) عاما من التعب والجهد والمال الذي يدفعه الطالب واهله لتجاوز هذه المرحلة، يصفعنا “الامتحان” بمضامينه وآليات عقده ونتائجه، نصف الطلبة يخفقون في الحصول على النجاح، واغلبهم يشعرون بالصدمة عند قبولهم في الجامعات بتخصصات لا يرغبون فيها، ورحلة التعليم في كل مراحلها ليست رحلة تعليم بالمعنى الذي نفهمه ونريده، وانما رحلة “عذاب”، فكل منهاج مصمم “للحفظ” وبمعلومات لا اعرف ماذا يستفيد منها الطالب، ووظيفة المعلم - في الغالب - هي “تلقين” الطالب واختبار قدرته على “سرد” المعلومات كما هي، ولو نظرنا في احد مناهج التوجيهي لوجدنا ان المطلوب من الطالب هو حفظ نحو (10) آلاف معلومة مرة واحدة، ولا داعي هنا للفهم او حتى التفكير، المهم ان “يبصم” التلميذ “النقاط” كما هي وان “يكتبها” في دفتر الاجابة...

تصوروا ان ثمة من يحصل على علامة كاملة في الفيزياء او الرياضيات او حتى اللغة العربية، لكنهم - في الغالب - لا يفرزون لنا علماء في هذه المعارف والعلوم، وتصوروا ان من يحصل على معدل “97” لا يجد له مكاناً في كلية الطب مثلا، وتصوروا ان العلامة وحدها هي التي تحدد “مصير” الطالب، فحتى لو كان مبدعاً في الهندسة وحصل على علامة اقل من المطلوب فانه “مجبر” على دراسة الكيمياء او غيرها.. وبعد ذلك “نستعبط” ونسأله: لماذا فشلت في التخصص، ولماذا تخرجت بمستوى ضعيف.

العالم كله تغير، ونحن ما زلنا متمسكين “بمناهجنا” كما هي، وبوسائلنا التعليمية، وبامتحان التوجيهي وأسس القبول في الجامعات، وكأننا نعيش في كهف معزول عما يجري حولنا، لم نجد بيننا وزير تربية أو تعليم عالي يصرخ ويقول: اريد ان “أغير” كل شيء، المناهج التي اصبحت من الموروث، المعلومات التي تتكرر وتتضارب وتكتب باسهاب ممل، اساليب التدريس “التلقينية”، الكتب التي تزن عشرات الكليوغرامات ويعجز “التلاميذ” الصغار عن حملها، كل شيء في “التعليم” بحاجة الى تجديد، والا فمن المخجل لنا - والحال كما هو - ان نلوم ابناءنا في التوجيهي اذا ما قصروا أو فشلوا، او ان نعاقبهم اذا ما “غشوا” أو ان ندفع آلاف الدنانير على دروس الخصوصي التي اصبحت من مستلزمات هذا العصر.

اذا سألتني عن اسباب “تراجع” القيم في مجتمعنا، وعن معظم الآفات التي اصابت الناس في بلادنا، سأقول لك على الفور: فشلنا في التعليم بكل مستوياته، وما التوجيهي الا الشهادة المعتمدة التي تؤكد لنا هذا الفشل، واذا سألتني: الا يوجد لدينا بديل سأقول على الفور ايضا.. دعونا نذهب لدراسة تجارب العالم في التعليم، ثم نستفيد منها، فلا يعقل ابداً ان نظل نغطي على “عجزنا” وننتظر ان “نتحسن” او ان يحل غيرها مشاكلنا، هذا غير وارد ابدا، والمطلوب ان نبدأ بتشكيل لجان وطنية من فقهاء التربية والتعليم في بلادنا تكون مهمتها اعادة النظر في قواعد التعليم ومناهجه وامتحاناته ووسائله، في كل منهاج وفي كل امتحان.. وهكذا، وصولاً الى “خطة” محددة بـ “5” سنوات، يصار بعدها الى “بناء” تعليم جديد يناسب مجتمعنا، ويتناغم من عصرنا، ويخرج اجيالنا من رحلة العذاب الطويل. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات